قال الله عزوجل : « ولقد آتينا لقمان الحكمة ان اشكر لله ... » .
ذكر البعض عن ماهية الحكمة ، ان لها معاني كثيرة ، مثل : معرفة اسرار العالم ، والاحاطة والعلم بحقائق القرآن ، والوصول الى الحق من جهة القول والعمل ، ومعرفة الله.
ويمكن جمع كل هذه المعاني في مكان واحد ، اذ قيل في تفسير الحكمة : ان الحكمة التي يتحدث عنها القرآن ، والتي كان الله قد آتاها لقمان عليه السلام ، كانت مجموعة من المعرفة والعلم ، والاخلاق الطاهرة والتقوى ونور الهداية.
وفي حديث عن الامام موسى بن جعفر عليه السلام ، انه قال لهشام بن الحكم في تفسير قوله تعالى : « ولقد آتينا لقمان الحكمة ... » : بمعنى ان الحكمة هي الفهم والعقل.
وعلى كل حال ، فان لقمان عليه السلام بامتلاكه هذه الحكمة قد هب واجتهد لشكر الله ، وكان يعلم الهدف من وراء هذه النعم الالهية ، وكيفية استغلالها والاستفادة منها ، وبناء على هذا فان الشكر والحكمة يعودان الى نقطة واحدة.
ونتيجة الشكر والكفران للنعم ، هي : ان شكر النعمة سيكون من صالح الانسان ومنفعته ، وان كفران النعمة سيكون سببا لضرره ايضا ، لان الله غني عن العالمين. فلو ان كل الممكنات شكرته فلا يزيد في عظمته شيء ، ولو ان كل الكائنات كفرت فلا ينقص من كبريائه شيء. وان حكمة لقمان توجب عليه ان بتوجه قبل كل شيء الى اهم المسائل الاساسية ، وهي مسألة التوحيد ، التوحيد في كل الابعاد والمجالات.
وعلى هذا اشارت الآية المباركة الى اولى مواعظه واهم وصاياه الى ولده : « واذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم »
. كل حركة هدامة ضد التوجه الالهي تنبع من الشرك ، من عبادة الدنيا والمنصب والهوى وامثال ذلك ، والذي يعتبر كل منها فرعا من الشرك ، لذلك نرى ان لقمان الحكيم قد اعتبر الشرك ظلما عظيما.
المصدر:مواعظ وحكم من حياة الانبياء للسيد مرتضى الميلاني