شبهات وحلول عن المرأة لآية الله السبحاني
1. الرجال قوّامون على النساء أعطى سبحانه إدارة شؤون الأُسرة للرجال دون النساء، ومعنى ذلك انّ الرجل هو الذي يترأس الجهات التي بها قوام العائلة، لأنّ الإدارة تتقوّم بأمرين متحققين في الرجل دون المرأة وهما:
1. القوة وتحمل الشدائد.
2. الإنفاق ورفع الحاجات المالية. والرجل يتوفر فيه الأمر الأوّل أكثر من غيره. وأمّا الإنفاق فقد فرض الإسلام إدارة أُمور الأُسرة المالية على الزوج، فهو الذي يتحمل المشاق ليدير دفة العائلة. وقد أشار سبحانه إلى تلك الإدارة وانّها تدخل تحت صلاحيات الرجل بقوله: ( الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلى النِّساء ) كما أشار إلى الشرطين بقوله:
1. ( بما فَضّل اللّه بعضهم على بعض ) 2. ( وبما أنفقُوا من أموالهم ) ( [853]).
وليس المراد الأفضلية عند اللّه وفي ميزان القرب منه سبحانه، بل المراد هوالتفوّق على الجنس الآخر في تحمل الصبر والاستقامة على الشدائد. وهو أمر تكويني لا يمكن إنكاره، ومن أنكر فانّما أنكره بلسانه دون قلبه، وهذا هو المراد من الأفضلية. وأمّا الشطر الثاني فهو حكم تكليفي وضعه سبحانه على عاتق الرجل، وبذلك صار أولى بإدارة شؤون الأُسرة من المرأة، وعلى ذلك سارت الحياة الاجتماعية. فلو كان هناك انتخاب طبيعي فقد اختير الرجل لإدارة الأُسرة اختياراً طبيعياً أمضاه الشارع.
هذا هو معنى القوّامية وليس فيه أيّ هدر لكرامتها، نعم تفسير القوامية بالسلطة على المرأة وإجحاف حقّها والتدخل في شؤونها بما هو خارج عن إطار العلقة الزوجية أمر مرفوض ومن فسر الآية به فقد افترى على اللّه سبحانه. فإدارة الأُسرة والتخطيط لها نحو مستقبل أفضل حسب الاستطاعة شيء، وإنكار حقّ الزوجة والتسلّط عليها وإجحاف حقوقها شيء آخر ، ومن خلط بين الأمرين فقد انحرف عن جادة الصواب.
2. تعدّد الزوجات
من المسائل التي يثيرها الغرب والمؤسسات التي تدافع عن حقوق النساء هي مسألة تجويز تعدّد الزوجات التي شرعها الإسلام، ومنطقهم انّ تجويز تعدّد الزوجات تشكل معاناة للزوجة أوّلاً وتخالف المساواة بين الزوج والزوجة ثانياً، وسنقوم بتسليط الضوء على كلا الأمرين، فنقول: لا شكّ انّ الأصل في تشكيل الأُسرة هو أن يحبس الزوج نفسه ولا يتزوج بزوجة ثانية رعاية لحال الزوجة الأُولى، وممّا لا شكّ فيه انّ حبس كلّ من الزوجين نفسه على الآخر يشكل رصيداً لبقاء أواصر الأُسرة ويُسفر عنه سيادة الثقة المتبادلة بين الزوجين. ومع الاعتراف بذلك لكن ربّما يواجه الزوج بعض الظروف والحالات التي تلجئه إلى عدم الاكتفاء بزوجة واحدة وهذا أمر لا يمكن لأحد إنكاره نظير
: إذا كانت الزوجة مريضة مدّة مديدة، أو كانت عقيمة لاتنجب، أو كانت غريزتها الجنسية ضعيفة لا تلبي حاجات الزوج، أو كان الزوج يقطن في مناطق نائية بعيداً عن زوجته مدّة لا يستهان بها، ففي تلك الظروف لا يتمكن الزوج من الاقتصار على زوجة واحدة، فأمامه ـ مع قطع النظر عن تجويز تعدّد الزوجات
ـ طريقان: الأوّل: أن يكبح جماح شهوته ويحد من نشاطها.
الثاني: أن ينزلق في مهاوي الفساد والفحشاء.
أمّا الأوّل: فلا يقوم به إلاّ الأمثل فالأمثل من الرجال.
وأمّا الثاني: فهو يخالف كرامته وشرفه وينجم عنه أضرار بدنية ونفسية وغير ذلك. فإذا سدَّ الطريقان أمامه فلا يبقى له سبيل سوى أن يختار زوجة بعقد رسمي مع مهر ونفقة وسكنى لتدخل في نطاق الأُسرة ويتحمل مسؤولية الجميع على حدّ سواء مع تطبيق العدالة، وهذا هو الذي دعا الإسلام إلى تشريع تعدّد الزوجات، قال سبحانه: ( فَانْكِحُوا ما طابَ لكُمْ مِنَ النِّساء مَثْنى وَثلاثَ وَرُباع ) ( [854]) .
ومن الطبيعي معاناة الزوجة الأُولى مع قيام الرجل بانتخاب زوجة أُخرى له، ولكنّه أمام انجراف الرجل في الفحشاء وانحلال الأُسرة من رأس أخف وطأة وأقل معاناة.
إنّ الغرب وإن طبّل وزمّر ضد قانون تعدّد الزوجات، لكنّه في الواقع اتخذ سلوكاً موافقاً مع هذا القانون لكن بصورة شوهاء حيث إنّه يقتنع بزوجة قانونية في حين يقيم علاقات جنسية مع نساء كثيرات خارج إطار الأُسرة ولا يكتفي بواحدة.
إنّ نظام الأُسرة في الغرب أخذ يضمحل وينحل، وما ذلك إلاّلخيانة الرجل زوجته بإقامة علاقات جنسية مع نساء أُخر ، وما ينطوي عليه من فقدان الثقة واضمحلال الروابط العاطفية بينهما، وينتهي إلى انفصام أواصر الأُسرة ، قانونياً وعملياً.
وأمّا مسألة المساواة حيث أُبيح للزوج إقامة علاقات جنسية مشروعة مع نساء أُخر دون الزوجة فهذا أمر نحن في غنى عن الإجابة عنه، فإنّ تجويز تعدّد الأزواج للزوجة يكسر عمود النسب ويعصف بالأُسرة ويترك ألواناًمن الأمراض وتفسد العلاقات من رأس وحينها يكون المجتمع مرتعاً خصباً للزنا والفحشاء.
وبذلك يعلم سرّ التشريع الإسلامي في تجويز تعدد الزوجات دون الأزواج.
3. الضرب عند النشوز من الإشكالات المثارة على حقوق المرأة في الإسلام هو انّه يسوغ للزوج أن يضرب الزوجة عند نشوزها إذا لم ترجع الزوجة ببذل النصيحة والعظة، وهجران مضجعها، قال سبحانه: ( واللاتي تَخافُونَ نُشُوزهنّ فَعِظُوهنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبغوا عَلَيْهِنَّ سَبيلاً إِنَّ اللّهَ كانَ عَليّاً كبيراً ) ( [855]) .
والحقّ انّ ذلك الإشكال المثار نجم عن عدم التدبر في مضمون الآية ومورد إباحة الضرب، فالآية تبحث في امرأة ناشزة أطاحت بحقوق زوجها وأساءت بإنسانيته دون أن يضيع منها حق، ففي ذلك الجو المفعم بتمرّد الزوجة على زوجها حتّى ظلت متشبثة به بعد معالجتها بالنصح والعظة أو هجرانها في الفراش لا محيص للزوج عن معالجتها بالضرب غير المبرح حتى تردع الزوجة عن شذوذها الذي طغى على إنسانيتها وكدر صفوة الجو العائلي.
وبذلك اتضح أوّلاً انّ البحث ليس في زوجة مقهورة على أمرها، ومظلومة في حقّها، فاندفعت إلى التمرد دفاعاً عن حقّها وكرامتها، بل الكلام في المرأة التي قام الزوج بجميع حقوقها ولكنّها طغت على حقوق الزوج وتمردت عليه.
وثانياً: ليس المراد من الضرب هو الضرب المبرح ولا المدمي، بل المراد الضرب المخيف حتى تردع عن شذوذها، وقد فسر الإمام الباقر (عليه السلام) الضرب في الآية بالضرب بالسواك. ([856]) وهذه الحالة فريدة من نوعها، وقلّما يتفق أن لا يُثمر العلاجان الأوّلان، وعلى فرض الوصول إلى هذه الدرجة، فليس الضرب ضرباً مبرحاً، وإنّما الغرض فيه هو ايجاد الرعب في قلبها كي تردع عن تمردها. روى الإمام الباقر (عليه السلام) عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أيضرب أحدكم المرأة ثمّ يعانقها».
وفي الختام نعطف الأنظار إلى كلمة قيمة عن إمام حكيم خبير بداء المجتمع ودوائه ألا وهو الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) حيث قال: «ولا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها، فانّ المرأة ريحانة وليست قهرمانة» ( [857]) فلنتعامل معها، بما أنّها ريحانة لا قهرمانة، ولنطلب منها ما يطلب من موجود ظريف كوردة الربيع لا تتحمل البرد القارص ولا الحر الذي يذبلها .
________________________________________ . ا. [853] . النساء: 33.
[854] . النساء: 3.
[855] . النساء: 34.
[856] . مجمع البيان: ج2، في تفسير الآية.
[857] . نهج البلاغة ، قسم الرسائل، الرسالة 31.