حركة الغدير هي حركة رمزيّة يلفت التذكيرُ بها انتباهَنا إلى أهمّية ركن القيادة والزعامة في المجتمع الإسلاميّ، ذلك الركن الذي لا يدوم المجتمع الإسلاميّ إلاّ به.
فانشغال الناس باُمور الحياة المختلفة يؤدّي - شيئاً فشيئاً - إلى محو بعض المسائل من أذهانهم، ومن أجل أن تبقى تلك القضيّة حيّة فلابدّ من حركة رمزيّة تنهض بمهمّة إعادة تلك المسألة إلى الأذهان في الوقت المناسب؛ كي يصبح ذلك الشيء - الذي تحوّل بالتدريج إلى مجرّد شعار واتّخذ طابعاً رمزيّاً – جزءاً لا يتجزّأ من ثقافة الناس.
ورأى سماحة آية الله مصباح اليزدي أنّ للولاية درجات متعدّدة وأضاف: الولاية في درجاتها الظاهريّة تعني اتّباع وليّ الأمر وطاعته، لكنّ لها درجات اخرى؛ فالاُمّة الإسلاميّة التي يقودها مثل هذا الرجل لا تتقدّم على الصعيد الاجتماعيّ فحسب بل إنّ قلوب أفرادها ترتبط مع الله في ظلّ قيادته؛ وإنّ له مقاماً عند الله عزّ وجلّ بحيث إنّه إذا طلب من الله تعالى شيئاً لاُمّته فإنّ الله لا يردّ طلبه.
وتابع استاذ الأخلاق في الحوزة والجامعة قائلاً: أمّا الدرجة الأعمق للولاية فهي أنّك ترتبط مع الله تعالى من خلال هذا العمل؛ ذلك أن اتّباع هذا الشخص من حيث كونه بأمر من الله عزّ وجلّ هو بمثابة طاعة الله. وأكّد العلامة مصباح اليزدي على أنّ الحفاظ على العلاقة مع الولاية يتمّ عبر المحافظة على درجاتها، وأضاف: إذا حافظنا على هذه الرموز فستتكامل الدرجات الباطنيّة من الولاية. فعلى الرغم من أنّ للولاية درجات متعدّدة وأنّ لها عمقاً يتّصل بالذات الإلهيّة المقدّسة، لكنّ الحلافظة على هذه العلاقة إنّما يتمّ بصيانة جميع تلك الدرجات. وعَدّ سماحته أنّ من جملة حبائل الشيطان هي محاولته فصل المرء عن الدرجات الظاهريّة للولاية
وأضاف: التوجّهات المنسوبة إلى المتصوّفة، وهي أنّ المهمّ هو طهارة القلب والباطن، هي نموذج من هذه الحبائل الشيطانيّة؛ لأنّ الظاهر إذا زال فسيفسد اللبّ بالضرورة. ورأى رئيس مؤسّسة الإمام الخمينيّ (ره) للتعليم والأبحاث أنّ الاحتفال بالأعياد يبعث على بقاء لبّ الدين وصيانته وقال: عندما يشاهد الطفل ما يقام في عيد النصف من شعبان وعيد الغدير من الزينة وما يضاء فيها من الأنوار فسيتعرّف شيئا فشيئا على ظاهر الولاية ودرجتها الواضحة ممّا يُعدّ طريقاً لنيل لبّها ودرجاتها الباطنيّة.
أمّا إذا لم يتمّ الاهتمام بمثل هذه الأعياد لأيّ ذريعة كانت فستحلّ محلّها امور اخرى مثل «أربعاء سوري» وأمثالها. وفي معرض إشارة اُستاذ الأخلاق في الحوزة العلميّة إلى ما أوقفه الماضون من أجل عيد الغدير خصوصاً قال سماحته: هذه الأوقاف هي على جانب من الكثرة بحيث إذا ادّعى أحدهم أنّه من الممكن، إذا اُحييت تلك الأوقاف، تضييف كلّ أفراد الشعب الإيرانيّ في عيد الغدير لما عُدّ ادّعاؤه جزافاً. وقال عضو مجلس خبراء القيادة مشيراً إلى بعض الوسوسات الشيطانيّة الرامية إلى اجتثاث الإسلام: حتّى في زماننا فإنّنا نجد أنّ البعض، وبذريعة أنّ جميع البشر اليوم قد بلغوا مبلغ التكامل، يقول: لابدّ من حذف الإسلام. وقد يقولون في مواطن اخرى أيضاً: لقد ولّى عصر التوجّهات والميول الإسلاميّة وعلينا الآن أن نفكّر بتكامل البشر بغضّ النظر عن أديانهم ومذاهبهم.
لكنّ كلامهم هذا لا يعدو كونه ظاهر القضيّة، أمّا الهدف فهو وضع أصل الإسلام بيد نفس اولئك المسلمين الذين أكرهوا عليّاً (عليه السلام) على الجلوس في داره. وألمح العلامة مصباح اليزدي إلى أنّ عوامّ الناس الآن يفوقون بعض الخواصّ في الفهم والإدراك وأضاف: في ذات الوقت علينا أن لا نستخفّ بالعدوّ وأن نكون في أتمّ اليقظة والوعي كي لا تُطرح تلك الفتن والوساوس والانحرافات كلّ يوم بلباس آخر ولا تزيحنا عن جادّة الإسلام الصحيح وأهل بيت العصمة (عليهم السلام).
رمز الإسلام يتجسّد اليوم بشخص قائد الثورة ورأى سماحةُ آية الله مصباح اليزدي أنّ قائدَ الثورة الإسلاميّة (مدّ ظلّه) يمثّل رمزاً للإسلام وقال: حيثما شاهدنا أنّ هناك حركة تحاول النيل من هذا الرمز وتضعيفه فعلينا أن نلتفت إلى كونها حركة شيطانيّة غايتها تضعيف الإسلام والنيل منه.
فوجود هذا الرمز ينطوي في باطنه على بركات وحقائق، لكنّه إذا تضرّر الظاهر فسيفسد اللبّ أيضاً ولن يبقى منه شيء.
اية الله الشيخ مصباح اليزدي