بسم الله الرحمن الرحيم " قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ سورة الشورى الىية 23
كل علماء المسلمون وكل المفسرين للقرآن طوال التاريخ يجمعون على أنّ هذه الآيات الشريفة نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام؛ هذه الآيات العظيمة الواضحة البيّنة. وفاطمة سلام الله عليها من القربى التي يجب حبها ومودتها والتقرب بحبها ومودتها
من هي هذه السيدة الجليلة التي دعانا الله تعالى في كتابه المجيد لحبها وللتقرب منها ؟ وما هي حقيقة هذه السيدة ؟ وما هي مسؤولياتنا تجاهها عليها افضل الصلاة والسلام ؟
* من هي السيدة فاطمة عليها السلام ؟
السيدة فاطمة الزهراء بنت محمد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وخاتم النبيّين، المكنّاة بأم ابيها والتي قال فيها أبوها رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلّم) في أكثر من مناسبة وفي أكثر من مكان وزمان وبحسب ما تنقله كتب المسلمين من الشيعة والسنة، وهو الذي لا ينطق عن الهوى، لا هوى الأبوّة، ولا هوى العشيرة، ولا هوى القرابة، إن هو إلا وحي يوحى، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): فاطمة بضعة مني وهي نور عيني وثمرة فؤادي وروحي التي بين جنبيّ يسوؤني ما ساءها ويسرني ما سرّها. وقال (صلى الله عليه وآله وسلّم): أما ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين. وقال (صلى الله عليه وآله وسلّم): فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. وقال (صلى الله عليه وآله وسلّم): إنها أفضل نساء أهل الارض. وقال (صلى الله عليه وآله وسلّم): إن الله ليغضب لغضبِ فاطمة ويرضى لرضاها.
ما هو أعظم مقام وصلت اليه السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام ؟
أعظم مقام وصلت إليه السيدة فاطمة بنظري الشخصي (ربما أكون مشتبه لأنني أقول أعظم مقام وليس من أعظم المقامات) هو مقام "يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها" هذا أعظم مقام.هذا أعظم من مقام سيدة النساء وما شاكل. يعني ماذا؟ أي أن الله سبحانه وتعالى ـ جبّار السموات والأرض الذي له الأسماء الحسنى،ملك السموات والأرض، ملك الدنيا والآخرة، الله العظيم، الكبير،القدير، العليم، الحكيم ... إلى آخره ـ هناك إمرأة في هذا الوجود هو خلقها ولكن وصلت إلى مقام إذا رضيت يرضى، وإذا غضبت يغضب.
- ما حقيقة هذه السيدة؟
في الحقيقة، هي سيدةٌ ليس لديها شئ لا من الذات ولا من الأنانية ولا ولا ... كل ما لديها هو لله عزّ وجلّ هو إلهي.
-من خلال ما تقدم ذكره , إلى أين نريد أن نصل؟
النساء يحتجن إلى أسوةٍ خاصةٍ بهن.لأنه ربما تخرج واحدة من النساء وتقول أن: النبي رجل والرجل لديه إمكانيات أحيانا قد تكون متفاوتة ويفتشون عن معاذير وحجج وفوارق وقياسات معينة.السيدات والنساء أيضاً يحتجن إلى قدوة من جنسهنّ. يعني إمرأة سيدة لديها عاطفة ولديها مشاعر ولديها أحاسيس ولديها عقل ولديها كل مواصفات النساء.ولذلك الزهراء عليها السلام هي ليست ملكاً من السماء نزل على الأرض بل هي إنسيّة هي إمرأة من جنس البشر، إبنة أبٍ وأمّ.رسول الله يريد أ يقدّمها إلى نساء العالمين من الأولين والآخرين قدوة وأسوة ونموذج أعلى.
- ما هي مسؤوليتنا اليوم تجاه هذه السيدة الجليلة فاطمة الزهراء عليها السلام ؟
مسؤوليتنا اليوم تقديم الزهراء لنساء العالم , نحن يجب أن نتخذها كذلك ويجب أن نقدّمها كذلك لنسائنا، لمسلمات العالم، بل لكلّ نساء العالم.لأن أي سيدة أو إمرأة في العالم تحدّثها عن سيدةٍ خلوقةٍ مؤدّبةٍ عالمةٍ عابدةٍ طاهرةٍ تقيّةٍ متواضعةٍ صبورةٍ ... إلى آخره، في أعلى كل ما ذكرت أعلى نسبة أخلاق أعلى نسبة صبر أعلى نسبة تواضع أعلى نسبة علم أعلى نسية عبادة بالتأكيد مسلمة أو مسيحية أو تتبع دين سماوي أو لا تتبع دين سماوي عندما تقدّم لنساء العالم هذا النموذج الكلّ سوف يقدّم له آيات الإحترام والتّقدير.
..وهذا ليس مسؤوليتنا وحدنا بل مسؤولية كلّ العلماء والحوزات والمدارس والمفكرين والمثقفين من الرجال والنساء في أمّتنا. يجب أن نتعرف بتقصيرنا في تقديم السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام كما هي للعالم. يجب أن نعترف بقُصُورنا صحيح ولكن يجب أن نعترف أيضاً بتَقصِيرنا وهذه يجب أن تكون من الأولويات عل عاتق خصوصاً أخواتنا وعلى العلماء، أن نعيد تقديم السيدة فاطمة عليها السلام إنطلاقاً من حاجات العصر.
- ما هو واجب الاخوات تجاه السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام ؟
اليوم هذه من أكبر المسؤوليات، أخواتنا هن يجب أن يذهبن للتّعرّف على السيدة الزهراء وأيضا أن يعملوا من أجل تعريف السّيدة الزهراء لبناتهنّ لنساء بلدنا لنساء العالم يجب أنّ نقدّم هذه القدوة وهذا النموذج.هذه مسؤوليّة أساسية أنطلق منها للشئ المُترتّب علينا.
-كيف يمكن ان نتشبه بحياة السيدة فاطمة عليها السلام في معيشتنا ؟
عندما أقول نموذج السيدة الزهراء عليها السلام؛ فالزوجة عندما تطلب من الزوج البيت الفلاني (بيتنا صار ضيق) فبيت فاطمة كيف كان؟ ماذا كان أثاث منزلها؟ ما هو أكلها وشربها؟ما هو معاشها؟ هذه السورة التي نقرأها في القرآن سورة الإنسان، ثلاثة أيام لم يكن لديهم شيء ليفطروا عليه إلا قرص شعير وماء، هؤلا ءهم أهل بيت النبي حاكم المدينة وحاكم الأمة في ذلك الوقت. هذه القدوة التي نحتاجها.
نحن نحتاج حقيقةً إلى ثقافة القناعة السيدة فاطمة هي في أعلى درجاتها، القناعة في العيش... لقناعة أساس في الحياة؛ في الحفاظ على العائلة، الصبر، التحمّل، حسن الخلق، الزوجة تداري زوجها، الزوج يداري زوجته. حقيقةً الأمر يحتاج إلى صبر وتحمّل. هذا صبر جميل هذا جهاد بل هذا هو الجهاد الحقيقي.
- هل تعتبر عوائل الشهداء والجرحى نموذجاً فاطمي ؟
عوائل الشهداء والجرحى والمجاهدين نموذج فاطمي في الصبر اليوم نجد من الناس، سواءً بموضوع عوائل الشهداء، زوجات الشهداء ، الجرحى، أيضا زوجات الأخوة المجاهدين الذين يغيبون خارج البلد أسبوع أو أسبوعين، شهر وشهرين. الآن في بعض الأماكن بعض إخواننا يغيبون تسعة أشهر،سنة،أكثر من سنة بعيداً عن عائلاتهم وتجد زوجاتهم وأخواته وبناتهم وأمهاتهم ـ لكن بالخصوص الزوجات ـ تراهم صابرات محتسبات مؤمنات واثقات بالله سبحانه وتعالى. هذا هو النموذج الفاطمي. هذا هو النموذج الزينبي. هؤلاء هنّ النسوة التي يفخر بهن محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم ويقول هؤلاء نساء أمتي: هؤلاء الشريفات العفيفات المجاهدات الصابرات المحتسبات.هكذا نحفظ عائلتنا ونسوّيها.
كلمة أخيرة
في هذه المناسبة العظيمة أتوجه بالتحية إلى كل النساء اللاتي يتحمّلن أعباء هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الأمة والمنطقة والوطن، إلى امهات وزوجات وبنات وأخوات الشهداء والجرحى والأسرى والمعتقلين، وإلى أمهات وزوجات وبنات المقاومين والمجاهدين والمقاتلين والمدافعين في كل الساحات والميادين، إلى كل النساء اللاتي يتحمّلن فقد الأعزّة وغياب الأحبّة وتبعات الحرب والمواجهة، من التهجير إلى الغربة إلى شظف العيش، ويواجهن ذلك بثبات وصلابة واحتساب، من لبنان وفلسطين، إلى سورية والعراق واليمن والبحرين، إلى إيران وأفغانستان وباكستان ونيجيريا، وإلى كل بلداننا وساحات التحدي والصمود، وأسأل الله تعالى لكنّ ولهنّ العون والقوّة والثبات والصبر الجميل والأجر العظيم والثواب الجزيل والنهايات الطيبة في الدنيا والآخرة.
اللهم إني أسألك بفاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسّر المستودع فيها أنم تصلّي على محمد وآل محمد وأن تلحقنا بهم وترزقنا شفاعتهم وتحشرنا معهم وأن لا تفرّق بيننا وبينهم في الدنيا والآخرة طرفة عين أبداً.برحمتك يا أرحم الراحمين. مبارك لكم هذا العيد العظيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
• كلمة سماحة السيد حسن نصر الله في احتفال ذكرى ولادة السيدة الزهراء(ع)-2017