التطورات الأخيرة الحاصلة في محافظة إدلب تعكسُ الصراع الإقليمي والدولي في سوريا. خليطُ تحالفات وتناقضات الحرب على سوريا حطّ رحاله في إدلب وعفرين من قبلها، لكن حادثة إسقاط المقاتلة الروسية سو 25 زادت المشهد في الشمال السوري تعقيداً وعملت على خلط الأوراق أكثر، ليصبح مشهد المعركة في إدلب ضبابياً، لكن الأمر المُسلّم به هو السعيُ الأمريكي لإفشال الجهود الروسية الحثيثة لإعادة الاستقرار إلى سوريا من أجل أطماعها، بكل ما أُتيح لها، عسكرياً وسياسياً.
وفي سياق الحديث عن معركة إدلب ومجرياتها بعد إسقاط المقاتلة الروسية، قال الدكتور شريف شحادة عضو مجلس الشعب السوري لموقع "العهد" الإخباري إنّه "واهمٌ من يظنُّ أنّ الولايات المتحدة الأمريكية ليست منغمسةً في التآمر بالحرب على سوريا منذ اللحظة الأولى، بشكلٍ مباشر أو غير مباشر من خلال حلفائها السعوديين والقطريين والأتراك، وما يحصل الآن أنه مع كل تقدم للجيش العربي السوري وانتصارٍ له على الإرهابيين أو كلما كانت هناك نقطةٌ إيجابية في المسار السياسي نرى أمريكا ومعها العدو الصهيوني يُطلّان برأسيهما ويدخلان على الخط من جديد، فهما يسعيان لإسقاط الدولة السورية، وحادثة إسقاط المقاتلة الروسية في إدلب تؤكد أنّهما تلعبان مع روسيا لعبة الوقت بمعنى أنه مع كل تقدم للجيش السوري على الأرض نرى رد فعلٍ أمريكيا صهيونيا تركيا خليجيا، فالمسلحون بكل تأكيد لم يستطيعوا حتى الآن أن يصنعوا صاروخاً محمولاً على الكتف له قدرةٌ على إسقاط الطائرات".
وتابع شحادة حديثه قائلاً إنّ " مناطق خفض التصعيد لها مدة زمنية محددة هدفها أن تُفضي في النهاية إلى الحل، لكن المشكلة في إدلب التي أُسقطت فيها المقاتلة الروسية تكمنُ في أنها أصبحت قاعدةً لكل الفصائل الإرهابية المسلحة ومن واجب الجيش السوري تحريرها من الإرهاب، ولطالما رفضت تلك الفصائل المسلحة رمي سلاحها وأصرّت على القتال فلا خيار لدى الجيش السوري سوى مقاتلتها، وإدلب أرضٌ سورية ومن حق الحكومة السورية أن تحررها من رجس الإرهاب"، لافتاً إلى أنّه " لطالما تذرعت تركيا بمحاربة الإرهاب لدخول أراضي سوريا، ولطالما تذرعت أمريكا بذات الهدف لوجود قواتها في سوريا والعراق وأفغانستان، فمن حق الحكومة السورية بشكل شرعي أن تدافع عن أراضيها من رجس الإرهابيين، لكنّ أمريكا تضع المعوقات سواء أكانت سياسية أم عسكرية".
وأشار إلى أنّ " مؤتمر سوتشي فتح أبواب الحل السياسي الحقيقية وقد رأينا كيف حضرت مختلف القوى السياسية السورية المعارضة والموالية، وهذا الأمر أغضب أمريكا لذلك أرادت بإسقاط المقاتلة الروسية أن تُزعجَ الدور الروسي الإيجابي وإلغاءه لترجمة ذلك في السياسة، بمعنى أنّ أمريكا لا تريد أن تُحوّل روسيا وسوريا انتصاراتهما العسكرية إلى أخرى سياسية ولذلك تبذل واشنطن جهداً كبيراً في إمداد الفصائل الإرهابية المسلحة بمختلف أنواع الأسلحة لتخريب العملية السياسية، الأمر الذي يؤكد وجود صورة قاتمة تريدها أمريكا في سوريا". الصواريخ التي تقتنيها الفصائل الإرهابية المسلحة هي صناعة أمريكا وحلفائها، ولطالما تحدثت فرنسا مسبقاً عن صفقات أسلحة بمليارات الدولارات تمّ إيصالها للمسلحين عبر السعودية وقطر وتحدثت الأخيرة علناً على لسان وزير خارجيتها عن صفقات أسلحة بأكثر من مئة وسبعة وثلاثين مليار دولار وذلك حسب حديث شحادة الذي أضاف لـ"العهد" قائلاً إنّ " أمريكا تبيع السلاح والخليج يشتريه ويزوّد الإرهابيين به، ولاحظنا مؤخراً أنّ واشنطن قد نفت علاقتها بتزويد الإرهابيين بأية صواريخ محمولة على الكتف وأنها لم تُزوّد الإرهابيين بالأسلحة، وهذا صحيح فهي لم تعط السلاح لهم يداً بيد بل أوصلته عبر حلفائها وهذا لا يخفى على الإدارة الروسية".
وأكد شحادة أنّ " أمريكا تريد أن تقول إنها ما زالت موجودة في سوريا عبر هؤلاء الإرهابيين كما أن جبهة النصرة بالنسبة لواشنطن في الحقيقة ليست تنظيماً إرهابياً وهي تريد أن تُكسبَها الشرعية تحت أي عنوان كان، ولذلك فالصراع في إدلب ليس فقط صراعاً عسكرياً بل صراعٌ سياسي والمشكلة تكمنُ في أنّ الولايات المتحدة لا تعترف إلّا بجنيف كمسار للحل كما أنها لا تعترف بالمعارضة الداخلية"، مشيراً إلى أنّ " ما تمارسه الولايات المتحدة والعدو الصهيوني معها من تكتيكات مختلفة لن تنجح، فهناك إصرارٌ سوري روسي على تحرير محافظة إدلب وكافة المناطق التي تتواجد فيها التنظيمات الإرهابية المتطرفة ممن تبع أمريكا أو أردوغان فهو ثعلبٌ لا يمكن الوثوق به، تارةً يمد يده إلى روسيا وتارةً إلى أمريكا، وهو يحاول اللعب على التناقضات ولذلك فإن الدور التركي خطير جداً وهو دور المُشغّل من الداخل السوري وما فعلته تركيا في الشمال السوري يُؤكد أنها ضالعةٌ في الحرب على سوريا مثلها مثل أمريكا والعدو الصهيوني".
المصدر: موقع العهد الاخباري