إذا أردت الصداقة ، فليكن قصدك خاليا من الأغراض الدنيوية .. بل اجعله لله وفي الله ، وإلا فإن المؤاخاة في غير الله تعالى مصيرها اليأس والندم.
ناك صفات لا بـد من توفّرها فيمن ينبغي صــداقته ، إذ لا يصلح كل واحد لأن يكون أخا في الله.. فقد قال النبي (ص): "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"1.
ومن هذه الصفات :
1 - أن يكون عاقلاً ، وذلك بأن يعلم حدود الأمور على ما هي عليهــا - ولو بالتعلم من الغير - فإنه لا خير في مصاحبة الأحمق .. فمن البداهة بمكان ، أن الأحمق يريد أن ينفعك - بزعمه - فيضرك في دينك أو دنياك ، نتيجة لجهله وقلة التفاته.
2 - أن يكون حسن الخلق.. فلا يكفي مطلق العقل رادعاً، إذ قد تستولي عليه قوة الشهوة والغضب ، فيعمل خلاف مدركاته العقلية ولو من غير عمد، فيقع في المفاسد العظيمة.
3 - أن يكون من أهل التقوى والصلاح .. فإن الفاسق الذي لا يتقي غضب الله جل جلاله ، كيف لا يخالفك عندما توصيه بالحق ؟.. فهو يدور مدار هواه، ويتلون بألوان شتى بحسب اختلاف أغراضه ، والذي يشهد على هذا المدعى قوله تعالى : " فاعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا " 2. ومن آثار معاشرة الفاسق ، صيرورة المعاصي هينة في نظر من يصـاحبه ، أجارنا الله تعالى من ذلك.
4 - أن لا يكون من أهل البدع ، إذ يُخاف من سريان البدعة إلى من يعاشره.. إضافة إلى شمول اللعنة المتوجهة إلى مُجالسي أهل البدع كما روي عن الصادق(ع) : " لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم، فتصيروا عند الناس كواحد منهم "3 وهذا خطر عظيم.
5 - أن لا يكون حريصاً على الدنيا ، فإن مجالسته كالسم القاتل الذي يسري بمقتضى طبيعة الأشياء. قال الله تعالى : "الأخلاء يومئذ بعضهم لبعضٍ عدو إلا المتقين" 4. عن مولانا الصادق (ع ) : "إحذر أن تؤاخي من أرادك لطمع أو خوف أو أكل أو شرب ، واطلب مؤاخاة الأتقياء ولو في ظلمات الأرض ، وإن أفنيت عمرك في طلبهــم ، فإن الله لم يخلق بعد النبيين على وجه الأرض أفضل منهم ، ومــا أنعم الله على العبد بمثل ما أنعم الله به من التوفيق لصحبتهــم"5 . فلو رأيت صديقاً متصفاً بهذه الصفات الحميدة ، فعليك أن لا تجهل قدره ، لئلا تُبتلى بفقده .
المصدر :من كتاب تذكرة المتقين – الشيخ البهاري ، بتصرف
* الهوامش :
1- المستدرك 8/327.
2- سورة النجم/29.
3- الكافي 2/375.
4- القصص/19. 5- البحار 71 /282..