المرأة والعمل في فكر الإمام الراحل
في قول رائع للإمام الخميني (رض) يتناول فيه تغيير المجتمع والعمل من أجل اقتلاع عوامل الفساد الإجتماعي والإنحطاط، يطلب من النساء المشاركة في ذلك: "إنّ كل هذا التخلف والإنحطاط ينبغي أن نقوم بمعالجته جميعا ولا يمكن لأي أحد بمفرده أن يقوم بذلك، فإذا ظنت النساء أنّه لا بأس بجلوسهن جانبا حيث يقوم الرجال بهذا الدور، فهذا باطل، وعلى الأخوات اللواتي لم يتدخلن حتى اليوم في قضايا الساعة أن يتدخلن، وعلى جميع النساء والرجال أن يدخلوا في العمل الإجتماعي والسياسي وأن يراقبوا ويبدوا وجهات نظرهم".
إستنادا إلى هذا القول ولا سيما في نهايته ندخل إلى موضوع أساس ومهم، وربما هو محل جدل في كثير من الأوقات، لذا نجد أن المرأة مثلا في الجمهورية الإسلامية، أظهرت حضورها الفاعل في المجتمع الإسلامي فوقفت جنبا إلى جنب مع الرجل في كافة ميادين العمل السياسي والإجتماعي الثقافي...
ولكن بالطبع مع حفظ القواعد والضوابط الشرعية. فعمل المرأة يطال مختلف الميادين والعناوين فهو العمل الذي يؤسس لمجتمع أفضل قائم على القواعد الرسالية والمنهج الإيماني الذي يعتبر الإنسان خليفة الله على الأرض، ويعتبر المرأة والرجل عماد التغيير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر".
وهذا العمل هو من أرقى الأعمال وأهمها ويحتاج إلى وعي المرأة لدورها في هذا المضمار، وأن لا تعتبر نفسها جليسة الدار المغلقة. أيضا العمل في المجال الإجتماعي، والتعاون على البر، وتعزيز التكافل الإجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد هو ساحة واسعة لعمل المرأة ويحتاج بدوره إلى ثقافة إجتماعية وامتلاك الأساليب المناسبة وإيمان بأهمية هذا العمل، كما يحتاج إلى وقت ترصده كما الرجل لتحقق الفائدة المرجوة.
وهناك العمل الذي يأخذ الطابع التربوي تمارسه المرأة في داخل بيتها وعائلتها، يحتاج إلى وقت وعلم وفن لتصل بالعملية التربوية إلى شاطئها الآمن ولا سيما إذا كانت المرأة أماً تخصص جزءا كبيرا من وقتها لتربية الجيل الذي يشكل عماد مستقبل آت ومجتمع جديد. وكما يقول الإمام الخميني (قده): "المرأة كالقرآن كليهما أوكل إليهما صنع الرجال".
ولكن للأسف هناك من يحاول أن يثير شكوكا حول أهمية هذا العمل الذي يعد من الأعمال المقدسة والأساسية في كل مجتمع، وتثار بين الفينة والأخرى كلمات ومواقف تعتبر المرأة التي تهتم بتربية أبنائها في البيت أو من هم في مسؤوليتها امرأة لا دور لها.
هنا نستشهد بقول الإمام الخميني(قده) أيضا: "إن عمل الأمومة قد جعله الأجانب عملا مبتذلا وفصلوا الأمهات عن أولادهن، فأرادوا أن يسلبوا هذه المهمة من المرأة وبدأوا بإعلامهم المشكك في دور المرأة الأمومي".
ولكن هناك من يعتبر أن المرأة المربية أو الأم لا ينبغي لها أن تحجز نفسها بين جدران أربع دون أن تستمع لما يجري حولها من متغيرات، والوسائل كثيرة ومتعددة، منها المطالعة لآخر المستجدات الفكرية والتربوية والثقافية ومنها وسائل الإعلام والإنترنت، فالمرأة سواء كانت أما أو أختا أم عاملة لا بد وأن تدرك التحديات التي تطرح بين الفينة والأخرى على كافة المستويات. وبالوقوف عند العمل الوظيفي للمرأة بشكل عام، نجد أن لا مشكلة فيه شرعا وعرفا، ولكن مع ضرورة الإلتفات إلى نوعية العمل وحدود هذه الوظيفة أو تلك وأبعادها، فهناك بعض الوظائف أو أنواع العمل التي تناسب المرأة أكثر من غيرها، والمهم أن لا تتحول الوظيفة عند المرأة لهدف بحد ذاته، بل هي وسيلة قد تجد نفسها فيها لتعطي وتقدم ما لديها من طاقات ومخزون في مستويات عدة وأيضا هي وسيلة مادية لتعتاش منها إذا كانت تجد ضرورة لذلك أو حتى لمساعدة أسرتها سواء كانت متزوجة أم لا، لا سيما في الأوضاع الصعبة التي تعاني منها فئات عديدة في مجتمعاتنا اليوم.
ولكن هناك أموراً يحبذ الوقوف عندها منها:
1-نوعية العمل.
2-الضوابط الشرعية التي تسهل عمل المرأة ولا تمنعه كما يقال ويثار.
3-الهدف من العمل.
4-تحديد الأولويات، لا سيما للمرأة الأم التي لديها أولاد هم بحاجة لوجودها معهم والعودة إليهم في الوقت المناسب، والتواصل مع همومهم وحاجاتهم النفسية والتربوية.
5-تنظيم الوقت بالشكل الذي يتيح لها العمل والراحة والقيام بمسؤولياتها الأخرى.
المصدر:[1]المرأة والعمل في فكر الإمام الراحل-مجلة الطاهرة-العدد179-حزيران2007 زكية حسين-