ما هو علاج حبّ الدنيا؟

ما هو علاج حبّ الدنيا؟

منشأ حب الدنيا

منشأ التعلّق بالدنيا

إن منشأ حب الدنيا والتعلّق بها والاستغراق في ملذّاتها وشهواتها فيعود إلى أمرين أساسيّين:

الأوّل: هو رؤية الإنسان أنّ كماله وسعادته وراحته إنّما هي محصورة في هذه الحياة الدنيا، على حساب الحياة الآخرة، ولقاء الله تعالى والارتباط به.

الثاني: الجهل بحقيقة الحياة الدنيا، ودورها الحقيقيّ في حياة الإنسان.

فعندما يرى الإنسان أنّ سعادته وكماله يكمن في نعم الدنيا وملذّاتها وشهواتها، دون أن يخطر في بال هذا المسكين أنّ الدنيا فانية وزائلة في الأصل ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾

 وأنّها لم تدم لغيره حتى تبقى له. فكيف يجد الإنسان سعادته في أمر فان؟! وكيف يعلّق آماله على شيء زائل؟! فكلّ من يركن إلى الحياة الدنيا وينجذب إليها، ولا يتورّع عن الدخول في حرامها، ويسرف في حلالها، فلن يلبث أن يقع في المعصية التي إن أصرّ عليها أهلكته لا محالة. لذا كان بغض الدنيا من أفضل الأعمال، كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "ما من عمل أَفضل عند الله بعد معرفة الله، ومعرفة رسوله، وأَهل بيته من بغض الدنيا"

علاج حبّ الدنيا أمام هذا الواقع يرى العاقل أنّه لا بدّ من اجتناب حبّ الدنيا والتعلّق بها لأنّها "المهلكة طلابها، المتلفة حُلاّلها، المحشوّة فالآفّات، المشحونة بالنكبات"، كما قال إمامنا زين العابدين عليه السلام، والسبيل إلى ذلك يكون من خلال ثلاثة أمور:

الأوّل: أن يعرف أنّ الدنيا ليست هي الهدف ولا الغاية، وأنّ السعادة فيها زائلة وغير باقية ﴿وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾، والأهمّ من ذلك عليه أن يتعرّف إلى الآثار السلبية المترتّبة على حبّ الدنيا، من العذاب والبعد والطّرد وغيرها... لعلها تردعه وتجعله يفكّر مليّاً قبل أن يقدم على هذه الحماقة.

الثاني: على الإنسان العاقل أن يتذكّر الموت دائماً، ويعتبر منه، ويحدّث نفسه به بالليل والنهار، لأنه أبلغ حقيقة، وأقوى برهان على أنّ الإنسان لم يُخلق لهذه الحياة الدنيا، ولا للبقاء فيها. سأل أحدهم الإمام الباقر عليه السلام: "حدّثني بما أَنتفع به فقال: يا أَبا عبيدة: أَكثر ذكر الموت، فإنه لم يكثر إنسان ذكر الموت إلا زهد في الدنيا".

الثالث: عليه أن يصحّح نظرته إلى الدنيا، ويدرك أنّ حياته ليست محصورة بهذه الحياة، بل هناك حياة أخرى خالدة وراءها، وأن يكتشف العلاقة الواقعيّة بين الدنيا والآخرة، من خلال المقارنة بينهما ليدرك أنّ علاقة الدنيا بالآخرة هي علاقة الطريق والهدف، أو الوسيلة والغاية، فالدنيا "دار ممرّ لا دار مقر"

كما قال مولى الموحّدين علي بن أبي طالب عليه السلام. أمّا لو نظر إليها نظر إعجاب وافتتان بزينتها واتّخذها هدفاً نهائيّاً له، فسوف تكون رؤيته الخاطئة هذه منشأ للكثير من الأخطاء الفكريّة والسلوكيّة في المستقبل، لأنه اتّخذ الوسيلة هدفاً والطريق مقصداً. إنّ حال صاحب هذه الرؤية حال من يوفّر مستلزمات السفر إلى بلد ما لأداء عمل ما ضروريّ، ثمّ أثناء الطريق ينجذب إلى الخُضرة والمشاهد الجميلة حتى ينسى هدفه الأساس من الرحلة.

* المصدر: دروس في التربية الأخلاقية، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.

يا فاطمة، أما ترضيني أن تكوني سيدة نساء المؤمنين،أو سيدة نساء هذه الأمّة’(الرسول الأكرم)
يقول تعالى: ﴿... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
الإمام الباقر عليه السَّلام: ’ لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان ’.
عن النبي صلى الله عليه وآله: ’التوبة حسنة لكنها في الشباب أحسن’

من نحن

موقع ديني ثقافي وفكري يعنى بقضايا المرأة والاسرة والمجتمع

تواصل معنا

يسرّنا تواصلكم معنا عبر الايميل alzaakiyaa@gmail.com