الرئيس الأسد:
معركة تحريرِ ريف حلب وإدلب مستمرةٌ بغض النظر عن بعض الفقاعات الصوتية الفارغة قال الرئيس السوري بشار الأسد في كلمة متلفزة بمناسبة معارك التحرير الأخيرة، إنه "عندما تحررت مدينةُ حلب في نهاية العام ألفين وستة عشر، قلت بأن ما قبلَ تحرير مدينةِ حلب لن يكون كما بعدها، انطلقت في ذلك من معرفتي إلى أين يسدد أبناءُ قواتنا المسلحة بقلوبهم وعقولهم، انطلقت في ذلك من يقيني بأن وطنيةَ أهلِ حلب ووفاءهم لوطنهم ولجيش الوطن ستقلب حساباتِ الأعداء.
وهذا ما حصل، وكان لا بد من أن تدفع حلب ثمناً كبيراً يعادل عظمة شعبها ووطنيةَ موقفها. سنوات من القصف العنيف والوحشي طال معظم الأحياء، عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، من اليتامى والثكالى والأرامل".
وأضاف الرئيس الأسد "سنوات من الحصار دون ماء أو كهرباء أو غيرها من أساسيات الحياة لتركع حلب وليستسلم ابناؤها، ومع كل قذيفة غدر سقطت، كان أمل الأعداء يزداد في أن تصبح حلبُ ذاتُها، حلبَ غيرَها، حلبَ أخرى لم تكن موجودة عبر التاريخ… حلب التي لا تشكل مع توأمها دمشق جناحين يطير بهما الوطن، بل تلك التي يصطف أبناؤها في صف الخونة أمام الأسياد، يركعون لهم ويسجدون، ويستجدون القليل من الدولار والكثير من العار.
هذا ما كان في أحلامهم، أما في عالمنا الحقيقي، فمع كل قذيفة سقطت سقط معها الخوف وازدادت الرغبة بالتحدي مع كل شهيد ارتقى، سمت الروح الوطنية وتجذر الإيمان بالوطن". وتابع الرئيس الأسد أنه "في عالمنا الواقعي بقيت حلب الحقيقية، حلب التاريخ والعراقة والأصالة.
ولأنها كذلك فإن شعبها لم يقبل بالصمود فقط بما يعنيه من تحمل للألم والمعاناة والخضوع للأمر الواقع، وإنما بما يعنيه من عمل وانتاج استمر خلال سنوات الحصار بالرغم من الظروف المناقضة كلياً لأي منطق اقتصادي.
ومع ذلك بقيت هذه المدينة تساهم ولو بحدود دنيا في الإقتصاد الوطني، وأنا على ثقة بأن هذا النوع من الصمود، الذي يعكس الإرادة الصلبة والإنتماء العميق المتجذر، هو الذي سينهض بحلب من تحت رماد الحرب ليعيد لها موقعها الطبيعي والرائد في اقتصاد سورية”.
وأردف الرئيس الأسد "صحيح أن تحرير المدينة عام ألفين وستة عشر لم يحقق الأمان المنشود للمدينة حينَها، وبقيت تحت نير قذائف الغدر والجبن، وصحيح اليوم أيضاً أن الإنتصار في معركة لا يعني الإنتصار في الحرب، لكن هذا في المنطق العسكري المجرد الذي يبنى على النهايات والنتائج، أما في المنطق الوطني فالإنتصار يبدأ مع بداية الصمود ولو كان منذ اليوم الأول، وبهذا المنطق فإن حلب انتصرت وسورية انتصرت، انتصرنا جميعاً على الخوف الذي حاولوا زرعه في قلوبنا، انتصرنا على الأوهام التي حاولوا غرسها في عقولنا، انتصرنا على التفكك، على الحقد، على الخيانة، وعلى كل من يمثل هذه الصفات ويحملها ويمارسها.
الا اننا نعي تماما ان هذا التحرير لا يعني نهاية الحرب، ولا يعني سقوط المخططات، ولا زوال الإرهاب، ولا يعني استسلام الأعداء، لكنه يعني بكل تأكيد تمريغ أنوفهم بالتراب كمقدمة للهزيمة الكاملة، عاجلاً أم آجلاً. وهو يعني أيضًا ألا نستكين، بل أن نحضر لما هو قادم من المعارك، وبالتالي فان معركة تحريرِ ريفِ حلب وإدلب مستمرةٌ بغض النظر عن بعض الفقاعات الصوتية الفارغة الآتية من الشمال، كما استمرارُ معركة تحرير كلِ التراب السوري وسحق الإرهاب وتحقيق الاستقرار".
وأكد الرئيس الأسد أن "الجيش السوري لن يتوانى عن القيام بواجباته الوطنية، ولن يكون إلا كما كان، جيشاً من الشعب وله… فالتاريخُ لم يعرفْ جيشًا انتصر، إلا عندما توحد معه الشعبُ في معركته، وعندما توحد هو مع الشعب في رؤيته وفي قضيته، وهذا ما رأيناه في حلب وغيرها من المدن السورية، حين احتضنتم الجيش حماكم ودافع عنكم وضحى من أجلكم".
وقال إننا "ونحن نعيش أوقاتِ الفرح علينا أن نتذكر أن هذه اللحظات حققتها سنواتٌ من الألم واللوعة والحزن، لغياب عزيز ضحى بروحه من أجل حياة وسعادة الآخرين، وإذ ننحني إجلالاً أمام عظمة شهدائنا وجرحانا، فإنه من واجبنا أن نقف احتراماً أمام عظمة عائلاتهم الجبارة، وإذا كان النصر يهدى، فلهم، وإذا كان لأحد فضلٌ فيه، فهم اصحاب الفضل. فتحيةً لهم على ما ربوا.. وتحية لأبنائهم على ما قدموا.. تحية لكل فرد من ابطال جيشنا العظيم ومن خلفهم قواتنا الرديفة… تحية لصلابة اجسادهم في البرد والصقيع ونحن ننعم بالدفء والأمان".
كما توجه الرئيس الأسد بالتحية "لأشقائنا وأصدقائنا وحلفائنا الذين كانوا مع الجيش كتفا بكتف على الارض ونسورا حامية بالسماء.. فاختلطت دماؤهم بدماء جيشنا ورووا جميعًا ارض حلب، حلب الوفية لوطنها… الوفية لتاريخها… والتي لن تنسى دماءَ من ضحى لاجلها، وستعود كما كانت.. وأقوى".