آلاف التحيات إلى أروح الشهداء عامة وإلى روح سيد شهداء المقاومة الاسلامية السيد عباس الموسوي وزوجه الشهيدة السيدة أم ياسر خاصة.
نستذكر الشهداء دائما بما كانوا يملكون من صفات تميزهم عن غيرهم، وهذا ما يرجعنا بالذاكرة الى الشهيدين السعيدين السيد عباس وأم ياسر .
فلما كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة كان العلماء (الأجلاء) هم السبّاقون لأدائها في كل فرصة سانحة، وكان السيد عباس من هؤلاء العلماء السبّاقين. فالسيّد عباس تلقى علومه الدينية في الحوزة العلمية في النجف الأشرف في العراق، وتتلمذ على يد أستاذه الشهيد السيد محمد باقر الصدر (رض)، وتأثر بفكره وبفكر الإمام الخميني(قده) , فكان يدرس في الحوزة شتاء ويبلّغ العلوم الدينية في لبنان صيفاً (وخاصة في بعلبك والنبي شيت وقرى الجوار).
وبعد إنتصار الثورة الإسلامية في ايران قام صدام حسين بجملة اعتقالات في النجف طالت العديد من العلماء في الحوزة ومن بينهم السيد عباس الموسوي، فعاد قسرأّ الى لبنان وعمد الى تأسيس حوزة دينية في بعلبك للأخوة، لأنّه وجد أنها أفضل وسيلة للتبليغ ولتعليم العلوم الدينية، وشكّلت هذه الحوزة نقطة إنطلاق كبيرة في مسيرة العلم والجهاد .
وإيماناً منه بدور المرأة وقدراتها قام بتأسيس حوزة دينية خاصة بالأخوات على غرار حوزة الأخوة، وكانت السيدة ام ياسر هي المبلّغة والمرشدة فيها ،حيث أنّها كانت قد تلقت علومها الدينية على يد السيد عباس وثلة من العلماء الأفاضل في النجف الأشرف. ومنذ بداية العمل في الحوزة كانت الشهيدة أم ياسر تتابع كل تفاصيلها من التدريس الى التبليغ واللقاءات، بالإضافة الى اللقاءات التي كانت تعقد في منزلها لانه لم يكن هناك من مكان بديل .
أما ضيوف السيّد والمناسبات والجلسات فكانت تعقد كذلك في المنزل، وكان هذا الأمر يتطلب تحضيراً مسبقاً من السيدة ام ياسر من اعداد الطعام والضيافة، الى ترتيب المنزل، وكانت توزع الأدوار بين أفراد الأسرة فتقول لهم : (جاءنا ضيوف بدنا نحافظ على الهدوء والإنضباط وبدنا نتشارك بإعداد الضيافة والطعام)، وكل فرد من أفراد الأسرة بحسب قدرته.
فسميّة عليها الإنتباه الى إخوتها، وياسر يأخذ الأغراض والضيافه من والدته ويناولها للسيد عباس، وهكذا كانت تعمد الى جعل المنزل مكاناً هادئاً ومنظماً ليكون مصدر راحة تامة للسيد عباس ليكمل عمله على أكمل وجه. فأم ياسر كانت إمرأة نموذجية بكل ما للكلمة من معنى، في إيمانها والتزامها وأخلاقها وحسن إدارتها وتدبيرها وتنظيم أمورها داخل الأسرة وخارجها.
وكان لها قسطا وافراً من العفوية وبساطة العيش في كل تفاصيل حياتها، من أثاث المنزل الى اللباس والطعام، حتى طعام ضيوفها كانت تقدمه بما تيسر لها مع الإعتذار منهم عن عدم القدرة على تقديم ما هو أفضل. فحسن التدبير كان ملكة لديها، فكل شي في وقته مع تحديد الأولويات، فوقت العبادة والصلاة لا يزاحمه شيء، ودوام الحوزة من الساعة الثامنة صباحاً حتى الثانية عشرة ظهراً ، ودوام التبليغ بعد الظهر واستقبال الضيوف والواجبات يوم الخميس، امّا قبل الظهر من يوم الجمعة فهو لزيارة الأرحام وبعد الظهر للاعتناء بالأولاد وتدريسهم. فأم ياسر برعت في الإستفادة من عامل الوقت وتوزيع المهام على كثرتها الأهم فالمهم، ومن المهم القول أنّ للسيد عباس دوراً هاماَ في إعانتها على الكثير من الأمور .
فسلام على روحيهما الطاهرتين،اللتين حلقتا سوية جراء غارة جوية اسرائيلية غاشمة في السادس عشر من شهر شباط من العام 1992.
الحاجة جميلة مصطفى مسؤولة الهيئات النسائية في منطقة البقاع_بتصرف