. صراخ وعويل، كلام بذيء يكنّ عن نفس قاست بفعل ضرب أو شتم أو شجار... نزاع خلف نزاع والخلافات باستمرار.
أزمة حقيقيّة يعيشها معظم الأزواج اليوم. هل الزواج هو أخطر منعطف يمر به الإنسان في حياته؟
وهل الزواج عمليه معقدة ذات كلفة كبيرة تحتاج إلى جهد وتدريب، ولا ينجح فيها إلا الخبراء الأقوياء؟
فمن التكاليف المالية للزواج المهر والنفقة، ومن الحاجة إلى طرق التعامل بين الزوجين، إلى كل ما يعتري حياة الاثنين معاً.
فبعد أن كان كل منهما عضواً في أسرة بعيداً عن الثاني، ولكل أسرة تقاليدها وأعرافها وطريقة تعاملها، يستقل كلاهما بالزواج عن أسرتيهما ليشكلا أسرة منفردة، تحتاج إلى بناء من جديد وطريق للتعامل مغايرة لطرق التعامل التي عاشا عليها، ومن هنا جاءت أهمية الزواج لأنّه اللبنة الأولى في كيان المجتمع، وبمقدار ما تكون هذه اللبنة قوية متماسكة بقدر ما يكون المجتمع متعاوناً وقوياً.
هو النزاع الذي يدمّر العائلات، وسوء التعامل مع الطرف الآخر الذي لا يمت إلى الأخلاق الإنسانيّة بصلة.
ما هو السبب الذي أجّج نار الحقد والكراهية؟
هل سبب المشاكل الزوجية تأتي به الحياة المترفة، وحياة الصرف والبذل بدون مبرر؟
أو أنّ أغلب النزاعات التي نسمع بها اليوم يكون من أجل المسائل الكمالية، أو المسائل الترفيّهية؟ فمنذ الأيام الأولى نرى "العرائس" يشرعن بارتداء الفستان الفلاني لمرة واحدة، والحذاء الفلاني مرتين أو ثلاثة، وهكذا تحاول أن تُفهم زوجها بأنها لا تستطيع لبس الفستان أكثر من مرة واحدة، ولكون الزوج لا يتمكن من تأمين كل هذه الفساتين تبدأ النزاعات والخلافات، عندها تقول الزوجة له: قل لأبيك أن يساعدك ماديًّا،
فيرد الزوج عليها: إن أبي ساعدني ما فيه الكفاية فاذهبي أنت واخبري أباك بأنه يجب عليه مساعدتك. وهكذا ففي الشهر الأول تطالب الزوجة بالملابس الكثيرة، وفي العام الأول بالذهب والمجوهرات حتى يصل الأمر بها لأن تقول: أعطني مهري لكي اشتري القلادة الفلانية، وأعطني مهري لاشتري الحاجة الفلانية وهكذا يتفاقم النزاع رويداً رويداً ليصل إلى قمته من جرّاء التجملات، والكماليات والشراء الترفي.
وعلى حد قول أحدهم: إن الشاب الذي لم يتزوج بعد، مثله كمثل الرجل الذي لا يلبس قبّعة على رأسه، وعندما يتزوج تكون تلك القبعة قد غطّت رأسه وأذنيه وعينيه وحجبت عقله عن التفكر فعُدّ من المخدوعين، وعندما يرى ما يمكن أن يصيبه من بلاء يقول:
يا ليتني لم أتخذ لنفسي شريكاً، وقد تقول الزوجة: يا ليتني لم اتخذ لنفسي فلاناً زوجاً؟
إن هذه المقالات والتقولات هي في واقع الأمر معضلات اجتماعية وقراحات تفيض قيحاً، بل وسرطاناً يتفاقم في مجتمعاتنا المعاشة. أ
ما بالنسبة لعلاج تلك المعضلات فالأمر سهل، وسهلٌ جداً، ولا يتعدى أن يكون إحدى آيات القرآن المجيد التي ما إن يعمل بها حتى يرى الإنسان نفسه معافى من كل تلك الأمراض الاجتماعية المترديّة المشتملة على كل تلك المعضلات والموانع الخرافية، بالإضافة إلى مشكلة التعلم التي تعتبر بمثابة مسألة أصولية، ناهيك عن حلّها لكل الخلافات والنزاعات التي يمكن أن تبرز في البين العائلي.
وهذه الآية المباركة هي: ﴿وعباد الرحمن الذي يمشون على الأرض هوناً، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً.. والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا، ولم يقتروا، وكان بين ذلك قواماً﴾ (الفرقان/65 ـ 67).
فالمؤمن عندما يريد شراء شيءٍ لا يسرف في شرائه ولا في بذله، إنه لا يؤمن بالصرف الترفي غير اللازم، ولا يرغب بالحياة التي تستند إلى التجملات والكماليات والحاجات غير الضرورية، إنه ليس بخيلاً ولا مسرفاً، بل معتدلاً " وكان بين ذلك قواماً ".
فالإنسان الذي يريد العيش ببساطة ترتفع عنه جميع الخرافات حتى يصل الأمر به إلى دخول الجامعة وهو متزوج، أما الشاب الذي نراه يريد ذلك ولا يستطيع يمكن أن نقول بأن الخرافات التي شاعت في المجتمع قد استولت عليه.
يراجع: كتاب الأستاذ مظاهري: الأخلاق البيتيّة، موضوع موانع الزواج.