يتم استنطاق الطفل عبر تصرفات محسوبة ومدروسة تشجعه وتحفزه على إدراك المفاهيم.
مثلا: (تعال نذهب معاً لشراء كتاب). ويحاذر من استخدام ألفاظ الأمر والزجر، من قبيل: (محمد! إذهب وأغلق الباب)، فهذا الأمر وإن كان الغرض منه توجيه الطفل نحو فعل معين، ولكنك بذلك علمته –لا شعورياً- على إصدار الأوامر، ومن جهة أخرى خدشت سيادته المحفوظة له طوال السبع سنين الأولى من عمره ، ولقنته أسلوب إصدار الأوامر الإرتجالية، فيتعود على توقع الطاعة والإنقياد لأوامره دون أن يبذل جهداً لقضاء حوائجه.
والصحيح أن يقال له مثلا: (محمد، تعال معاً لكي نغلق الباب) أو (تعال لنجلب معاً الصندوق المكعب الأخضر)، وبهذه الطريقة تكون قد وجهته إلى ما ينبغي فعله وعلمته ضمنيا على اللون الأخضر وشكل المكعب.
وهكذا فإنّ جملة (محمد الوردة سيناغي الطفل) أفضل من جملة (محمد اذهب وناغ الطفل) لانطواء الأخيرة على صيغة أمر وإلزام بخلاف الأولى.
ومثل الجملة الأولى أن تقول: (محمد يود الآخرين ويحبهم)، (محمد يساعد الآخرين)، (محمد يمنح قطعة حلوى لأخيه العزيز علي).
ونلفت النظر هنا إلى أنّ الأوصاف الحسنة للآخرين ينبغي أن تلصق بهم وكأن للطفل دوراً فيها وليس فرضاً عليه. وفي ضوء ذلك قد لا يكون من المناسب أن تقول لمحمد: (أعط البسكويت لعلي العزيز) بل قل له: (أعط البسكويت لعزيزك علي). أو بأسلوب آخر: (محمد العزيز يفهم الأمور جيداً)، (علي أيضا يفهم الأمور جيداً).
ثم يتجنب الوالدان تشجيع ولدهما تشجيعاً سلوكياً بحضور أطفال آخرين، لكيلا يصاب بالغرور والتكبر والأنانية. وأيضاً يتجنب الوالدان تقريع ابنهما إذا بدرت منه تصرفات غير لائقة، فلا ينبغي لهما الرد عليه بعنف، وأفضل جواب مناسب للتصرفات الخاطئة الكتمان والإغماض وانتظار أن تسنح فرصة أخرى لتصحيح الخطأ أمامه.
مثلا لو قلت للطفل: (من يأتي بالمكعب الأخضر أسرع)، فجاءك بمكعب أزرق، فما هو موقفك المناسب تجاهه؟ الصحيح أن تتجاوز مسألة اللون وتركز على أصل الشيء فتقول: (بارك الله في ولدي فقد جاء بالمكعب!) وتحتضنه وتلاطفه، ومن ثم تطرح المطلوب الأول كأنه مطلب جديد: (والآن من يأتي بالمكعب الأخضر؟)، وهكذا إذا تكرر الخطأ حتى يتجاوز المشكلة.
ينبغي إبراز الصفات الحسنة والأفعال الحميدة وحب الخير لفظياً وسلوكياً بخلاف الأخلاق والأعمال السيئة.
المصدر:-محسن الكاظمي-كيف نربي طفلا نابغا-دار النبلاء-الطبعة الأولى2006-ص84-86