انعكاس لتخبط اردوغان وترامب داخلياً يقرع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طبول الحرب ضد قوات سوريا الديموقراطية التي تركها حليفها الأمريكي وحيدةً في مواجهة الخطر. " الكرد قاتلوا معنا لكننا دفعنا لهم أموالاً ضخمة وأسلحة لفعل ذلك"، هذا ما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن "قسد" التي بدورها قد اعتبرته متنصلاً من التزاماته اتجاهها.
فهل سيتكرر سيناريو مدينة عفرين التي احتلها التركي العام الماضي بحجة الأمن القومي الذي يرى أردوغان في تكراره له فرصةً تعيد القليل من الحياة لشعبيته الداخلية؟ وكيف هو الوضع في الداخل الأمريكي بالنسبة لترامب الذي يتعرض لمحاولات العزل؟ المحلل السياسي السوري والمتخصص في الشؤون التركية سركيس قصارجيان يرى في حديثه لموقع "العهد" الإخباري أنّ "أردوغان يقرع طبول الحرب منذ فترة طويلة وبات قرعها جزءًا من الحملة الدعائية له ولحزبه، لكن الذي تغير جذريًا هو الموقف الأمريكي،
والأوساط الكردية تفاجأت بهذا القرار وبالاتفاق الذي تم بين الرئيسين التركي والأمريكي بالاتصال الهاتفي الأخير، وبموجب هذا الاتفاق سيتم السماح لأردوغان بتحقيق جزء من أهدافه بالمنطقة الآمنة".
بحسب قصارجيان، فإن "ما يهم هو التغير في الموقف الأمريكي وموقف ترامب تحديداً، إذ لا نزال نرى حتى الآن مواقف مختلفة في الداخل الأمريكي من هذا الأمر، لكن ترامب أشعل الأمر بتغريداته المتلاحقة. أما تركيا، فستتحرك بسهولة أكبر في منطقة الشمال السوري في حال لم تتمكن دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة من تغيير موقف ترامب الأخير".
يلفت قصرجيان في حديثه لـ"العهد" الى أن "الواضح في الأوساط الداخلية التركية أنّ مأزق أردوغان السياسي والاقتصادي كبير جدًا وهو يعمل اليوم على تصدير هذه الأزمات الداخلية إلى الخارج، فشعبية أردوغان في الداخل التركي قائمة على الموضوع الاقتصادي، وباجتياحه للشمال السوري بحجة الأمن القومي سيعمل على خلق انتصار جديد يتمكن من القتال به في أي استحقاق سياسي قادم حتى لو كان بعيداً، رغم أنّ التعديلات السياسية التي قد تطرأ من الممكن أن تؤدي الى انشقاقات حزبية وإنشاء أخرى جديدة قد تفضي لاستحقاقات سياسية رئاسية وبرلمانية مبكرة".
من جهته، يقول الخبير الاستراتيجي السوري الدكتور أسامة دنورة لموقع "العهد" الإخباري إنّ "تصريحات وتغريدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مفاجئة لمن يعتبر أن هناك مصداقية للولايات المتحدة. وجدنا أوساطًا أمريكية منها أعضاء بالكونغرس اعتبرتها بمثابة الغدر بالأكراد الذين ساهموا بمحاربة "داعش". لكن إذا حلّلنا التغريدات تلك نجد أنها ضمن السياق المعتاد لإدارة ترامب وهو الابتعاد عن التورط العسكري في المواجهات واستخدام سلاح الاقتصاد كبديل عن الضغط العسكري أو التورط بحروب طويلة الأمد. فقد تحدث عن أن قواته بقيت طويلاً وعاد ليغرد عن أنه إذا تجاوزت تركيا الحدود سيدمر اقتصادها ولكن من غير الواضح ما هي هذه الحدود وكيف سيعتبر أن الأتراك قد تجاوزوها".
يضيف دنورة "هذا التصريح عن تدمير اقتصاد تركيا أقرب ما يكون إلى الاستهلاك المحلي في الداخل الأمريكي بعد الانتقادات التي وجهت له وأتى بعضها من أوساط الحزب الجمهوري بمعنى أنّه بحاجة لحملة لتسويق هذه الخطوة والتخفيف من وقعها على من يعتبر أنها ضرر كبير بمصداقية أمريكا وتحالفاتها الخارجية".
ويؤكد في نهاية حديثه لـ"العهد" أنّ "ترامب بحاجة لإدارة هذه الضغوط للتعامل معها من الداخل الأمريكي فهو يعاني من مجموعة تناقضات و اضطرابات ومحاولة العزل على خلفية موضوع الرئيس الأوكراني ولكن بعض المصادر تقول بشكل عام إنه يعتمد على نواة صلبة من السياسيين في الداخل الأمريكي يمثلون نوعًا من حائط الأمان في وجه محاولات العزل".
المصدر:موقع العهد