رأى الكاتب في موقع "ناشيونال انترست" الأميركي بيتر هاريس أن الحزب الديمقراطي الأميركي قد يحقق نتائج إيجابية كبيرة إذا ما إستطاع إدانة الرئيس الأميركي دونالد ترامب والتأكيد على انه يشكل تهديدا للأمن القومي الأميركي ما يتوجب إزاحته من منصبه، وقال إن "كل شيء مرهون بمعركة "التحكّم بالخطاب"". وذكر الكاتب أن "إستطلاعات رأي اجريت حديثا أظهرت أن نسبة 73 % من الناخبين الديمقراطيين يدعمون عزل ترامب، مقابل رفض جمهوري قاطع لهذه الخطوة"، مضيفا أن الموقف الرسمي مشابه لموقف الجمهوريين".
وتابع هاريس أن "حالة الإستقطاب هذه تفسّر تأخر إقدام رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وغيرها من الشخصيات الديمقراطية البارزة على إعلان فتح تحقيق حول عزل ترامب"، وقال إن الديمقراطيين يرون أن موضوع العزل سيؤدي إلى تحشيد الجمهوريين والأميركيين "المعتدلين" خلف ترامب، ما سيصعّب هزيمته بالإنتخابات القادمة عام 2020". هاريس تحدّث عن أسباب تغير الموقف وإعلان بيلوسي فتح تحقيق حول عزل ترامب، وقال إن "أحد أسباب هذا التحول تعود إلى تزايد عدد المشرعين الديمقراطيين الذين طالبوا علنًا بعزل ترامب، ما جعل بيلوسي مضطرة إلى الإقدام على هذه الخطوة".
الكاتب لفت إلى تفسير آخر يتمحور حول طبيعة التهم الأخيرة التي وُجهت إلى ترامب، مشيرًا إلى أن الأخير تآمر مع مسؤولين أوكرانيين من أجل "الترتيب لتدخل أجنبي" في الإنتخابات الأميركية وحَجَب المساعدات العسكرية عن أوكرانيا من أجل إجبار الأخيرة على الرضوخ لمطالبه". وقال الكاتب إن "التهم هذه تشكل أفضل فرصة لإلحاق الأذى بترامب من خلال إجراء تحقيق حول عزله، ودون أن يدفع الحزب الديمقراطي ثمنًا سياسيًا كبيرًا".
وأضاف أن الفارق الأساس هذه المرة هو أن التهم التي وجهت إلى ترامب يمكن وضعها في خانة الأمر الطارىء أو المساس بالأمن القومي"، وتابع: "من الناحية النظرية، تُقَدَم المساعدات العسكرية فقط عندما يقرر المسؤولون الأميركيون أن هذه المساعدات ستخدم الأهداف الأمنية الأميركية"، وقال إن "حجب المساعدات لأغراض سياسية يشكل إنتهاكا كبيرا، يتمثل بوضع المصلحة الذاتية فوق مصالح الولايات المتحدة".
وشدد الكاتب على أن "القضايا الأمنية تختلف عن الخلافات السياسية العادية"، مشيرًا إلى أن "فريق ترامب نجح حتى الآن في وضع التهم السابقة التي وجهت إلى الرئيس الأميركي في خانة التهم السياسية"، وأضاف أن ذلك سمح للناخبين أن ينحازوا لأحد الطرفين، اما دعم الديمقراطيين و"المتآمرين في الدولة العميقة" أوالدفاع عن الرئيس".
وحو مسألة المساس بالأمن القومي، قال الكاتب إنه "لا يمكن الإنحياز لطرفٍ معيّن، وإن الموقف الوحيد المقبول للأميركيين "القوميين" هو "الدفاع عن أمن الولايات المتحدة""، مشيرًا إلى أن "الديمقراطيين يحاولون إقناع الناخبين بضرورة معاقبة ترامب، من خلال إتهامه بوضع الأمن القومي الأميركي في خطر". وتابع أن "وضع موضوع العزل في خانة المساس بالأمن القومي يمكن أن يحقّق الكثير للديمقراطيين"، مؤكدًا أن "لغة الأمن القومي" يمكن أن تُضاعف دعم العزل ويمكن أن تكسب أصواتًا جمهورية".
وبينما قال الكاتب إن "فرص الديمقراطيين للنجاح في مجلس النواب هي كبيرة في حال توحدوا"، حذّر من أن مجلس الشيوخ من جهته لن يدين ترامب. وأردف أن كافة المؤشرات تفيد أن زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل وزملائه سيدعمون ترامب"، مرجحًا أن "يبقى ترامب حتى الإنتخابات الرئاسية العام القادم".
وقال الكاتب إنه "لهذا السبب على الديمقراطيين أن يفوزوا بالمعركة الدائرة حاليا ولا يمكن أن يُسمح لترامب أن يضع إعادة إنتخابه في سياق المعركة ضد الفساد والمؤسسة، بل أن إعادة ترشحه يجب أن يُخيّم عليه مدى قدرته على حماية الأمن القومي".
هاريس أعاد القول إن "التركيز على موضوع الأمن القومي سيفيد الديمقراطيين خاصة المرشح الديمقراطي للرئاسة، إذ لن يكون بمقدور ترامب أن يروّج لنفسه بأنه المدافع عن المصالح القومية"، لافتًا الى أن "الامور مرهونة بنجاح الديمقراطيين في وضع موضوع العزل في خانة المساس الأمن القومي"، وأردف "الخطة قد لا تكون محكومة بالنجاح وان بعض الناخبين قد يرون أن ما يحدث في أوروبا الشرقية لا علاقة له بالأمن القومي الأميركي وأن حجب المساعدات العسكرية عن أوكرانيا لا يعني وضع حياة الأميركيين في خطر".
ورأى أن "الطريقة التي سيدافع فيها الجمهوريون وداعموم عن ترامب ستلعب دورا كبيرا على صعيد ما سيحصل"، مشددا على أن "نجاح الديمقراطيين مرهون بإقناع الشارع الأميركي بأن ترامب وضع الأمن القومي في خطر وقد يفعل ذلك مجددًا"، وقال إن "هذه التهمة هي الوحيدة التي قد تعبر الخطوط الحزبية وتشكل ثقلًا كبيرًا على ترامب و الجمهوريين والناخبين".