عندما نقرأ عن الجانب الشخصي للأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، نجد أنفسنا غارقين في أدق التفاصيل المتعلّقة بسماحته. قد نُعيد قراءة "النص" مرةً ثانية ولا نمُل. أحد القراء أحبّ أن يعلّق على ما نُشر في الجزء الأول حول الوجه الآخر للسيد نصر الله بالإشارة الى أننا كلما قرأنا أكثر عن هذه الشخصية الاستثنائية، و"غصنا" في "كواليسها"، كلما تعلّقنا بهذا القائد أكثر فأكثر.
أحد السياسيين يقف على النقيض تماماً من خط السيد السياسي، عبّر -في مراسلات خاصة- عن إعجابه بشخصية سماحته والكاريزما التي يمتلكها، واصفاً إياه بالقائد الاستثنائي. هذا رأي "الخصوم"، ولا شك أنّ مثله كثر ينطقون بسرهم هذا الكلام، وإن لم يعلنوه. فلا يُمكن أن تغوص في شخصية السيد "المميّزة"، إلا وتجد نفسك أسير تلك الصفات "النموذجية".
يُخبئ السيد نصر الله خلف شخصية القائد القوي والمقتدر، القائد الذي عرف كيف يلوي ذراع العدو الصهيوني، ويُسطّر الانتصارات، القائد الذي أرعب العدو، ما جعله يضرب ألف حساب لكل إطلالة يظهر فيها سماحته، يُخبئ الكثير من الإنسانية والرقة والعطف والحب لشعبه. يتحدّث السيد جواد نجل الأمين العام لحزب الله في الجزء الأخير من مقابلته مع موقع "العهد" الإخباري عن المحبة التي يَكُنها سماحته للناس. يحمل في قلبه "عطفاً" غير محدود تجاه الجمهور. يسأل عن أحوالهم وأمورهم، يتتبّع قضاياهم، ويحزن لألمهم. كما يُشير جواد الى أنّ السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله اليوم هو نفسه عندما لم يكن كذلك. يُكنُّ عشقاً كبيراً لآية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، وتربطه علاقة قوية بالمجاهدين.
يحرص على قراءة أغلب ما يُكتب من تقارير ومقالات، كما يتابع بامتياز ما يُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي. يُشدّد على ضرورة اتباع الأسلوب الرفيع في التخاطب، داعياً الجميع للتخاصم باحترام.
الأموال والحقوق الشرعية بالنسبة لسماحته "خط أحمر"، لا يجوز التفريط بها مطلقاً. يروي جواد قصّة حصلت معه شخصياً في هذا الصدد. أما فيما يتعلّق بخطاب السيد فيبدو حاضراً في الذهن تماماً كما على الورق، فلو افترضنا أنه ذهب الى مكان ما ليلقي خطاباً ونسي الأوراق، لا يتغيّر شيء مطلقاً.
السيد "الإنسان"
يُسهب جواد في الحديث عن السيد الإنسان الذي لم تغيّره الدنيا، ولم يأخذه بريق المنابر، عن السيد الذي لم يزده العز وهتافات الناس سوى تواضعاً. السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله اليوم هو نفسه عندما لم يكن كذلك. بل على العكس، يزداد تواضعاً. يعتز الوالد كثيراً بمحبة الناس وثقتهم. يحبهم كثيراً، طبعاً لا يحبهم لأجل الحب فقط، بل يحب مصلحتهم ويخاف على آخرتهم أكثر من دنياهم. أوّل صفة تتبادر الى مخيّلة السيد جواد لدى حديثه عن والده، هي الانسانية. يستفيض في الحديث عن هذا الجانب المضيء في شخصية السيد.
برأيه، ينطبق على والده لفظ "انسان" بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى. تتجسّد هذه الخاصية أكثر وتتوضّح عندما نتحدّث عن العلاقة التي تربط سماحته بأشرف الناس، فنراه يحمل في قلبه كتلة كبيرة من العاطفة، الحب، الاحتضان، والمداراة. يوصي باستيعاب الناس الى أبعد الحدود. يدعونا الى "الترميم" بحيث إذا أخطأ أحدهم، علينا أن نعمل على "تجليسه"، ونحاول استيعابه. وإذا ما اختلف شخصان، علينا أن نبحث عن طريقة للاصلاح، لا أن نعمل على تزكية نار الفتنة بينهما. يمتلك السيد حسن أخلاقاً رفيعة وعالية. ففيه من صفات أمير المؤمنين (ع)، يقول جواد. لديه قدرة كبيرة على التحكم بنفسه.
هذه القدرة تجعله ينظر دائماً بعين الله، وينطق بلسانه ويتصرّف بيده. وفق جواد، فإنّ "كل سكناته وحركاته تتمحور حول رضى الله". وكما في السياسة خطوط حمراء، كذلك في الحياة العامة. بالنسبة لسماحته فإنّ حقوق الناس خط أحمر، معها يسقط كل شيء. يمتلك كرماً لا متناهياً، وفي الوقت نفسه لا "يمنّن" أحداً. نحن أولاده لا نعرف ماذا يفعل مع أقرب الناس الينا، ممنوع. كرامة الناس على رأس الأولويات، تماماً كما راحتهم. دقيق في هذا الأمر وحريص على راحة المحيطين به، لدرجة لا يتوقعها أحد.
فعلى سبيل المثال، لا يُطيل السهرة، كي لا يتعب "الشباب" أو يُحرجهم، رغم أنّ ذلك أحب على قلبهم. وفق قناعاته، فإنّ أي أمر يتوقف على إجهاد الآخرين مرفوض. حِرص السيد وخوفه على الناس لا يقتصر على دنياهم، بل يتعدى ذلك لآخرتهم. ففي إحدى المرات -يقول جواد- سألته "إذا كنتَ من أهل الشفاعة هل تشفع لي؟"، فأجابني" لا أشفع لك فقط، بل أشفع لجميع المؤمنين". يقول جواد "هذه المواقف والأقوال، ننظر اليها على مدار السنين فنرى في السيد صفة الانسان الذي يجمع الرحمة، الرأفة، عزة النفس، ومداراة الناس".
برأي جواد، فإنّ السيد "تشرّب" وصايا أهل البيت في الحركات والسكنات. يتعامل مع الناس في غيابهم كما لو كانوا أمام العين. في الكثير من المحطات يحترق قلبه على الناس، يتلهّف عليهم، ويبدي حزناً على قصصهم. حريص جداً على تدينهم. يتابع الحضور في المساجد. همه تدين الناس على اعتبار أن ما من قيمة للدنيا وعلاقتنا مع الله غير سليمة.
هذا الأمر يوجب خسران الدنيا والآخرة. فعندما تكون علاقتي مع الله جيدة يعني أن أحافظ على حقوق الناس وأن لا أقع في الحرام، وهذا يوجب الخير في الدنيا والآخرة. برأي السيد، ما نفع أن أجاهد وأهضم حق الناس، أو أصلي وأعتدي على الناس؟!.
جبلٌ من الحلم
وفي الصفات الشخصية التي يمتلكها السيد يُضيف جواد أنه جبل من الصبر والحلم، ذو بصيرة ونظر بعيد، كأنّه يرى الأشياء لسنوات مقبلة. إداري متين، دقيق، صاحب ذاكرة فذة وإدارة ليّنة. صادق بمشاعره التي يظهرها بلا حساب.
أبويّ رحمانيّ بكافة التفاصيل، وفي الوقت نفسه فإنّ حبه للناس والمجاهدين لا يمنعه من توجيه أي ملاحظة لأحد في أي موضوع. تراه حازماً بلا تجريح، ليناً دون تفريط بشيء. يجعلك تقتنع بما يمليه عليك بكل محبة ورضى، مستخدماً أسلوب التوضيح لك والبيان. يمتلك فنّ الإصغاء، فعندما تجالسه يبدو مستمعاً بامتياز كأنّه يأخذ الكلام منك. باختصار، لقد خالط تأثّره بأهل العصمة لحمه ودمه، يضيف جواد. كما يلفت الى أنّ سماحته ورغم الأمور الاستراتيجية التي يتولاها، يبدو متابعاً دقيقاً لأحوال الأسرة، لديه دقّة في الملاحظة والمتابعة داخل الأسرة دون خرق الخصوصيات والحريات، وهذا ما نراه في العمل أيضاً حتى بأمور لا نتوقعها، إذ يتعامل مع هذا التنظيم كأنّه جزء من روحه، ويتابعه بشكل دقيق جداً.
السيد "المتواضع"
يروي لنا جواد بعض التفاصيل التي تشير الى تواضع السيد الذي لا يجد حرجاً في "خدمة" الناس. يقول "أذكر قبل حرب 2006، وجّه سماحته دعوةً لأخوته وأخواته وعائلاتهم للإفطار في منزلنا.
جلس في وسط السفرة ومنع أحداً من سكب الطعام، قائلاً لهم "طيلة الشهر الفضيل والناس في الموائد "تخدمني"، الآن أتى دوري لأخدمكم، وأن أسكب لكم طعاماً بنفسي". رفض المجتمعون، يقول جواد، لكن السيّد أصرّ على ذلك. وهنا يُشير الى أنّ سماحته غالباً ما يقوم بأموره بنفسه في الحياة اليومية، يساعد في جمع السفرة، يسخّن طعامه بنفسه أحياناً، يقوم ويجلس مراراً لتحضير أوراقه. ليس ممن يتتطلب ويتأمّر، رغم أنّ كل من حوله -ومن كثرة حبّهم له- ينتظرون أن يُطلب منهم أي شيء ليلبوه.
السيد والإمام الخامنئي
يلفت جواد الى أنّ سماحته يُكنُّ عشقاً كبيراً لآية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي. يتابع دروسه المسجلة، يسمع خطبه، ويُلقي الضوء على أي شيء يُنشر عنه. وقد تأثر كثيراً يوم انتشرت قصة تزويج القائد لأحد أبنائه، وما رافق تلك القصة من زهد وتواضع الى أقصى الحدود. كان السيد يُردّد دائماً أين نحن وأين القائد؟!.
السيد والمجاهدون
لم تقف المسؤوليات الجسيمة الملقاة على عاتق سماحته عائقاً أمام متابعته لأحوال عوائل الشهداء بطريقة دقيقة.
وفيما يتعلّق بالمجاهدين، يمتلك السيد حساسية وعاطفة خاصة تجاههم. أذكر منها -يقول جواد- أيام الجرود والثلوج عند الوضوء كان سماحته يتذكرهم ويقول "الله يعينهم كيف عم يتوضوا بهالبرد"، أو حين يريد أن يأكل يذكرهم ويقول "ترى ماذا يأكلون الآن".
يتوقّف جواد عند هذه النقطة، فيلفت الى أنّ السيد ليس استعراضياً، فهو لم يقل هذا الكلام أمام مجموعة. فقط شخص واحد يعرف هذه الأمور. يولي السيد أهمية كبيرة لدماء الشهداء. بالنسبة اليه، فإنّ كل ما نحن فيه من عز وعنفوان هو نتيجة أولئك الذين ضحوا بأنفسهم لتحيا الأمة بكرامة.
هكذا يتابع سماحته وسائل التواصل الاجتماعي
سماحة السيد يقرأ أغلب ما يُكتب من مقالات وتقارير، كما يطّلع على كل شيء في مواقع التواصل الاجتماعي، ويتابعها بامتياز، يقول جواد. طبعاً لا يمتلك حساباً، ولكن تصله يومياً تقارير مفصّلة ومطوّلة عن كل شيء، من ضمنها ما يُنشر على "تويتر" و"فيسبوك"، فيرى "بروفايلات" رواد مواقع التواصل الاجتماعي وصورهم كما نراها نحن على الشاشة، مع فارق أنّه يراها ورقياً. حتى أنّ كل ما كان يُرسل من رسائل الى السيد كان سماحته يقرأ الأغلب منها. وأحياناً إذا لم يكن لديه وقت لقراءة كل شيء يختار مساعدوه الأمور "المهضومة" من قبيل "التنقيرات" ذات الطابع السياسي. يقول جواد "أساله عن رأيه في بعض التغريدات حول موضوع معيّن"، فيقول لي "اطلعت عليها ورأيت تغريدات فلان وفلان وفلان، هول مش رفقاتك يا جواد"؟!.
يكره السيد لغة الشتم والبذاءة على مواقع التواصل الاجتماعي عن أي جهة صدرت. حتى ولو كنا أمام خصم لا يقبل سماحته الاساءة اليه. طبعاً "الاسرائيلي" موضوع آخر، يقول جواد.
أما في الخصومة السياسية فهناك أدب ولياقة. يعتبر أن الجو المشحون بين الناشطين أمر سيئ للغاية، فبمقدور الناس أن تختلف بأدب، وأن ترفع مستوى المخاطبة والاهتمام والتفكير. وعندما يطلع السيد على هذا النوع المسيء من التغريدات، يُعبّر بكلمة واحدة "تغريدات تعيسة"، هذا أثقل وصف بالنسبة اليه.
مجلس العزاء للمسلمين كافة
كما يتابع السيد مواقع التواصل الاجتماعي ويحرص على الأسلوب الرفيع في التخاطب، يتابع الكثير من الأمور، فمثلاً فيما يتعلّق بمجلس العزاء المركزي يحرص سماحته على أن يكون للمسلمين كافة. فالإمام الحسين هو ابن النبي (ص). من هذا المنطلق، من واجبنا إيصال مظلوميته للجميع. أكثر من ذلك، ففي بعض الأحيان وعندما يكون لديه وقت يطّلع على مضمون المجلس. في المقابل، يفرح سماحته كثيراً للتفوق العلمي وللإنجازات التي يحقّقها الشعب، كما يتسع قلبه لأي مبادرة انسانية.
الحرص على الحقوق والأموال العامة
يُشدّد جواد على أنّ السيد في دائرة الضوء هو نفسه عندما يكون بمفرده. المعيار لديه هو رضى الله. يتحدّث في هذا السياق عن حرص سماحته على الحقوق والأموال الشرعية بشكل قد لا يلتفت اليه البعض. مثالاً على ذلك، تلقّى سماحته -في إحدى المرات- هدية، فأعجبتني. قال لي بإمكانك أن تأخذها ولكن عليك أن تدفع ثمنها. تعجّبت وقلت له لماذا؟ قال لأنها لم تصلني لأنني حسن ابن عبد الكريم نصرالله، بل لأنني أمين عام حزب الله. وبالتالي، عليك أن تعطي ثمنها للحاج الفلاني حيث يتم وضع ثمن الهدايا التي تباع لتحويلها الى حساب تزويج المجاهدين، قائلاً لي وبكل ثقة "ما الذي يميّزك عن أي شاب؟".
وهنا يُشير جواد الى أنّ السيّد يحمل على الدوام هم الناس، ويخاف على حقوقهم، فبعد عام 2006 كان مستعداً لأن ينتزع من أموال حزب الله ليدفع للناس بدليل المساعدات والموضوع الصحي والتعليم وغيره.
"مداراة الناس"..
الوصية الدائمة عند كل موقف على الدوام، يُشدّد السيد على ضرورة "مداراة الناس" في الكثير من الأمور التي نريد القيام بها. يقول جواد "بعد حرب تموز في العام ٢٠٠٦، كان بإمكاني استدانة مبلغ وشراء منزل عادي وكانت الأسعار لما تزل مقبولة".
قال لي أبي في حينها "ممنوع، بعد إعادة الإعمار تعود الى منزلك، يجب أن تعيش ما يعيشه الناس، وتستأجر مثلهم، حتى ولو دفعك ذلك الى التنقل من منزل الى آخر. نحن لسنا أفضل من الناس بشيء، علينا أن نواسيهم ونساوي أنفسنا بهم". برأي سماحته، من الممكن أن لا نشارك في فرحة أحدهم، إنما المواساة في الألم والشدة "تسلّي" القلوب والنفوس، وطالما أنت ابني عليك أن تتقبّل وتعيش هذه الحياة بحلوها ومرها، فإذا لم نستطع أن نواسي أقلهم حالاً، فأضعف الايمان أن نكون كأوسطهم. هذا ما ينص عليه ديننا وأخلاق النبي الأكرم (ص) وأهل بيته (ع). ما يقوم به الآخرون ضمن "حلال الله" لا دخل لنا فيه، أما نحن فمسؤولون أمام الناس الذين يقدّمون بلا منة ويحبون بلا مقابل.
هؤلاء أهل الوفاء، العلاقة معهم أبعد من زعامة ورئاسة، وأقل شيء ممكن أن نبادلهم به هو المداراة في ترك ما نستطيع، والزهادة في العيش قربة الى الله تعالى، مذكراً إياي بالآية الكريمة "لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ" (سورة آل عمران/الآية 92).
ما سر ثقة السيد بالنصر؟
بعد حرب الـ2006 بحوالى السنتين، قلت له "يا أبي أنا أعرفك شخصاً تهتم كثيراً بالكلمة التي تلقيها. الصدق خط أحمر بالنسبة اليك، بحيث تحرص على عدم زعزعة الثقة بينك وبين الرأي العام. قل لي كيف استطعت في بداية حرب تموز أن تطلق جملتك الشهيرة "كما كنت أعدكم بالنصر دائماً، أعدكم بالنصر مجدداً"؟ على ماذا بنيت هذا اليقين ونحن في بداية الحرب والعالم كله علينا؟".
قال لي "ألست من قارئي القرآن؟"، قلت بلى، فأعطاني آيتين "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ/ سورة محمّد (الآية 7)، و"إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ/ سورة الحج (الآية 38)".
هذا وعد الله، قال سماحته. وهنا، يعلّق جواد على هذا الكلام بالقول "هذا هو اليقين". العالم كله علينا ويتآمر علينا، وحرب قاسية، ورغم ذلك يأتي شخص بكل هذه الثقة واليقين ليقول هذه الجملة الشهيرة. برأيي، هذا أسس للثقة الشعبية الكبيرة التي نراها اليوم تجاه السيد والتي حوّلته الى رمز للصدق، بحيث بدأ الجميع ينظر اليه على أنّه صاحب اليقين.
لا محسوبيات في العمل في العمل، لا مكان للمحسوبيات عند السيد.
في إحدى المرات -يقول جواد- بقيت ثلاثة أشهر للحصول على موعد عمل مباشر معه. ومن باب "المونة" عليّ عمل السيد على ترحيلي، رغم أني حاولت أكثر من مرة تقريب الموعد، لكني لم أفلح. حتى أنه وضعني آخر موعد في النهار. حينها، شعرت بشيء ما، فتواصلت مع مساعده، قلتُ له "سألغي الموعد ولكن بشرط، أن لا تضع أي موعد بدلاً مني، وتترك الوالد يرتاح"، فقال لي "قبلت"، قلت له "الغ لي موعدي". وعندما اجتمعت بأبي لاحقاً، قال لي "بتعرف يا بيي، عندما قال لي فلان أن جواد ألغى الموعد شرط أن ترتاح، فرحت كثيراً لأنني كنت تعباً جداً، حينها قلت الحمد لله وكنت ممتناً لك من قلبي".
الخطاب في الذهن كما على الورق
لا شك أنّ خطابات سماحة السيد "المميّزة"، لطالما كانت محط إعجاب وتساؤل نظراً لما تحتويه من منهجية وقوة وبلاغة. كل خطاب لا يشبه سابقه، ففي كل مرة تستمع اليه تشعر وكأنها المرة الأولى. كُثر يتساءلون عن الطريقة التي يعد بها سماحته الخطاب، وفي هذا الصدد، يُزوّدنا جواد بأنّ سماحته وما إن تأتيه الفكرة في أي موضوع معيّن يعمل على منهجتها في الذهن قبل أن يُحضّرها على الورقة والقلم. تراه يضع محاور الخطاب في ذهنه. لديه حضور ذهني وقدرة فكرية وملكات غير طبيعية.
فلو افترضنا مثلاً أنه ذهب ليلقي خطاباً ونسي الأوراق في مكان ما، لا يتغيّر شيء مطلقاً. الموجود في الورق موجود في الذهن كما هو بنفس التسلسل، والترتيب. لديه ذاكرة قوية، وهذا الأمر يبدو جلياً مثلاً في بعض الأحيان عندما نحدّثه عن أمر ما قد لا يشكل إبرة في كومة قش المتابعات، بعد 15 يوماً مثلاً وفي الوقت المحدّد يجيبنا عليه، رغم أنّه لا يكون مكتوباَ.
كيف يمارس السيد العمل السياسي؟
للسيد نظرته الواقعية حيال الطريقة التي يجب أن نمارس بها العمل السياسي. برأيه، لا بد من أن تكون هناك مرونة. فلا أحد يأخذ كل شيء في السياسة. لا بد أن نتعايش مع الناس، فالسياسة -في النهاية- أخذ وردّ ولا شيء اسمه كن فيكون. أحياناً يتأسّف سماحته عندما لا ينتظر الرأي العام في قضيّة معيّنة ليرى ماذا وراء قرار حزب الله في الموضوع الفلاني. وفق قناعاته، من الخاطئ جداً إصدار الأحكام جزافاً، خصوصاً في المواضيع الحساسة
المصدر:موقع العهد الكتروني _فاطمة سلامة