مشروع ظاهره حقوق المرأة وباطنه سحق حقوق الإنسان
اعتبر الصوت الإسلامي، أحد الأصوات المعارضة بقوة لطروحات المؤتمر العالمي الرابع للمرأة، الذي عقد في بكين مؤخراً، لافتقار تلك الطروحات إلى شمولية الرؤية المطلوبة في تحريك قضية حساس كقضية المرأة، ولجوء تلك الطروحات إلى ضرب العام على حساب تشوهات الخاص، باسم مناصرة المرأة، وبهدف استلاب إرادة الأمم. الحاجة عفاف الحكيم النشطة في مجال العمل الإسلامي النسائي بشكل خاص، شدت الرحال إلى بكين لتضم صوتها إلى النساء المسلمات، رفضاً للطروحات الهجينة، فكان للحاجة الحكيم مشاركة فاعلة وكان لنا معها هذا اللقاء.
• هل لنا بنظرة عامة عن المؤتمر، أجواء وطروحات؟ يرتدي المؤتمر أهمية كبرى لجهة خطة العمل الدولية التي تنبثق عنه، والتي تهدف في ما يزعم المنظمون إلى النهوض لأوضاع المرأة خلال الفترة الممتدة حتى عام ألفين، الجهة المنظمة للمؤتمر كما هو معروف هي الجمعية العامة للأمم المتحدة ولجنة الأمم المتحدة لمركز المرأة التي عملت كلجنة تحضيرية للمؤتمر، وهي تمثل 45 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
الوفد اللبناني الذي سافرت معه بوصفي عضواً في المجلس النسائي اللبناني، ضم 72 سيدة من جمعيات نسائية غير حكومية، و20 سيدة مثلن الوفد الرسمي للبنان برئاسة السيدة منى الهراوي. وقد تم افتتاح المنتدى للمنظمات غير الحكومية في منتجع سياحي في منطقة هواريو التي تبعد 53 كلم عن بكين واستمر من 1 إلى 8 أيلول، تضمن برنامجه ندوات وورش عمل وجلسات مناقشة وتنظيم معارض، أما المؤتمر الرسمي فقد عقد بين 6 و16 أيلول في قاعة المؤتمرات في قلب العاصمة بكين، تضمنت برامجه كلمات مختصرة لرئيسات الوفود الرسمية وجلسات مناقشة لإقرار بنود الوثيقة النهائية للمؤتمر.
المؤتمر شكل حدثاً عالمياً، بما حفلت به أجواؤه من غرائب ومدهشات وبما ضمه من حشد نسائي نوعي، يدفع إلى التأمل في كيفية صنع البرامج ووضع الخطط لقيادة الشعوب وتسخير طاقاتها بما يتلاءم والنظام العالمي الجديد، مع الإشارة إلى أن كل امرأة وكل موضوع ندوة أو جلسة أو حوار أو ورشة عمل كان الإسلام فيها مستهدفاً. أما في ما يخص الطروحات، فقد حفلت وثيقة بكين بشعارات ومقترحات مختلفة، بعضها لا خلاف عليه، وبعضها الآخر خطير ويشجع على الإباحية ويجعلها حقاً للمرأة ينبغي للقانون أن يحميها، منها قضايا الاجهاض، حرية الاختلاط، السماح باقامة علاقات منحرفة وشاذة، وهذه البنود سيغت بطريقة ذكية ماكرة وعمل على دسها مع مجموعة البنود والشعارات الجادة تحت بند حقوق المرأة. فقد كانت الأصابع الأميركية بارزة في كل ندوة ومؤتمر تم التحضير فيه لمؤتمر بكين، والكثير مما تم تحضيره وطبخه في دهاليز المنظمات الدولية جاء نتاجاً لمساع واتصالات وجهود خبيثة وماكرة.
• هل يمكن برأيك التعويل على طروحات المؤتمر في تحسين أوضاع المرأة في العقد المقبل كما يدعي منظموه؟
إذا أخذنا بظاهر الأمور التي يعمل على ترويج شعاراتها من قبل ايصال المرأة إلى مواقع صنع القرار وترسيخ وجودها في الحكومات والبرلمانات، أو لجهة القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة اضافة إلى برامج التنمية التي لمسنا أنها كانت آخر الهم في كل ما بذل من جهود. فإن السعي جدي بهذا الاتجاه. فما هو ظاهر للعيان من برامج شيء، وما يدور في الكواليس من مكائد شيء آخر. إنها مشاريع تغريرية ظاهرها حقوق المرأة وباطنها سحق حقوق الإنسان ومصادرة قرار الجميع. حضور المرأة المسلمة •
كيف كانت طبيعة حضور المرأة المسلمة في المؤتمر، وما هي غاية الحضور؟
بفضل الله ورعايته كانه للمرأة المسلمة ضمن هذا الحشد النسائي العالمي حضور بارز، فقد شهد مؤتمر بكين حضوراً فاعلاً ومميزاً لحركة وفد النساء الايرانيات حيث ضم الوفد 70 سيدة من الفاعليات النسائية وعلى رأسها رئيسة مكتب شؤون المرأة في الجمهورية السيدة فاطمة هاشمي رفسنجاني والنائبة بهروزي. أيضاً على صعيد الوفد السوداني كان هناك حضور نشيط ومميز للأخوات السودانيات.
وقد ضم الوفد وزيرات ونائبات وفاعليات هامة من بينها السيدة وصال زوجة الشيخ حسن الترابي، والمنظمة العالمية للمسلمات وأيضاً زوجة الرئيس عمر البشير. تعلمين أن موضوع المرأة بالذات هو محل حساسية شديدة في الغرب خاصة وفي غيره من أنحاء العالم، حيث تطغى الصورة المشوهة على الذاكرة، والاسلاميون قبل غيره معنيون ومطالبون بتحسين هذه النظرة، كما هم معنيون بالرد على الاتهامات الموجهة إلى الاسلام، التي تدعي أنه يتعامل مع المرأة كإنسان من الدرجة الثانية وينظر إليها نظرة دونية.
لذا،في هذا المحفل العالمي الذي توافدت إليه هذه الحشود من النساء من جميع أقطار العالم. وأكثرهن عُبئن ضد الإسلام ومفاهيمه التربوية، كانت مشاركة المرأة المسلمة أكثر من ضرورية، لاطلاع العالم على رسالة الاسلام الذي نادى بالمرأة شقيقة للرجل وحمل أول أطروحة انقاد لها بدون سابق مطالبة منها. فهذه الأجواء وأمثالها لا تجعلنا ملزمين فقط بل تستصرخنا وتطالب بأن يكون للصوت الاسلامي صدى وحضور داخل المنتديات العالمية لتبيان الحقائق من أجل التمييز بين ما هو من الاسلام ومبينة أنها اصطلاح غربي اميركي مرفوض، وان الاسلام دين الله الذي لا يعرف العنف ولا الظلم.
ومع هذه المداخلة التي شهدت تشنجاً في البداية اتسع الحوار الذي ألقى بظله على الجلسة بكاملها. أما المداخلة الثالثة فكانت في ورشة حقوق المرأة التي احتشدت بمختلف الجنسيات. فتناولت فيها انعكاس التشريع الالهي على حركة المرأة عارضة لحقوقها ودورها مبينة أن المرأة في الإسلام تتمتع بشخصية قانونية مستقلة. وكانت هناك تعقيبات على مداخلتي وردود مترجمة من ايطالية وتركية وتونسية وفلسطينية. التنسيق بين المحاضرات.
• كيف كانت علاقة الوفود الاسلامية بعضها ببعض وهل تم التنسيق بين أعمالها؟
العلاقات بين الوفود كانت حميمية، فالهم واحد والتطلعات والمنظمات واحدة والجامع هو الإسلام، فالكل كانوا يشعرون بأنهم مستهدفون من قبل هذه الهمروجة العالمية الماكرة، ومن نعم الله علينا ان الدولة الصينية أمنت أماكن للعبادة للديانات المختلفة في مكان قريب من مركز التجمع، ما ساهم إلى حد بعيد بعملية التعارف والتنسيق على صعيد المنتدى، وقد توافقنا على لقاء دائم عصر كل يوم وفق موعد محدد، يضم جميع الفاعليات النسائية الاسلامية وذلك من أجل المتابعة والتنسيق وصولاً إلى رد واع مدروس على كل ما يجري. أما نقاط الافتراق فلم تكن أكثر من وجهات نظر، وحالات التشنج التي كانت تظهر لم تكن تقابل برد فعل والأمور كانت تسير بحمد الله لما فيه الصالح العام.
وقد كان ختام اجتماعاتنا بيان مشترك باللغة الانكليزية أوصلناه إلى الاعلام عبر لقاء بين عدد من الأخوات والمراسلين الأجانب. الانجازات: ما هو الدور الذي أضلع به حضور المرأة المسلمة في المؤتمر، وهل أدى إلى تصويب الرؤى وتعديل البنود الخطيرة؟ الحضور الاسلامي كان مؤثراً بقدر ما جسّد النموذج الكامل للمرأة على مختلف الأصعدة وفي جميع المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، فالرد النموذجي يشكل أفضل رد على الهجمة الصهيونية المعادية للاسلام التي لا تكف عن اتهامه باذلال المرأة واضطهادها. عدا أن التعاون والتنسيق بين الوفود الاسلامية قد توّج بحسر بنود كثيرة في الوثيقة.
تم التحفظ عليها. إضافة إلى العديد من المسيرات التي نظمت انتصاراً لقضايا اسلامية ومنها مسيرة من أجل البوسنة. وأخرى من أجل فلسطين، ومسيرة من أجل الأسرة، ومسيرة ضد الأكاذيب الاعلامية المضللة التي تنال من المرأة المسلمة نظمتها ألأخوات الايرانيات. وكان هناك مسيرة تجمع المسلمات الملتزمات مع وصول هيلاري كلينتون إلى هواريو تذكر بنساء وأطفال البوسنة. ومسيرة من أجل المعتقلين والأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائلية. بالاجمال كان هناك نشاط هام وفاعل للمسلمات الملتزمات تناقلته وسائل الإعلام في خبر "أنه كان للمسلمات الملتزمات انتشار واسع بأشكال وأزياء مختلفة. وإن هذا يحدث لأول مرة في تاريخ المؤتمرات العالمية للمرأة".
أجرت الحوار: منى بليبل العهد 27 ربيع الثاني 1416هـ.