لقد أثير في الآونة الأخيرة، الجدل حول مادة الـ PARABEN، ومدى ارتباطها الجدي بحالات سرطانية. ومن المهم تسليط الضوء على أن هذه المادة تدخل في العديد من المستحضرات واللوازم المستخدمة بشكل يومي، سيما في الأدوية، العطورات، الأدوات المنزلية وغيرها، مما يعني أن نسبة التعرّض لهذه المادة مرتفعة جداً، وبشكل يومي، لذلك من المهم التأكد من مدى خطورتها، ليتخذ المعنيون الإجراءات اللازمة لحماية الفرد والمجتمع.
يستعمل البارابين في الصناعات بعدة أشكال كيميائية: • Methyl paraben (E218) • Ethyl paraben (E214) • Propyl paraben (E216) • Butyl paraben ويستخدم البارابين على نطاق واسع في المستحضرات التجميلية والدوائية، إذ إنّ هناك أكثر من 13000 صنف يحوي الباربين كمادة حافظة، ويعود سبب شيوع هذا الاستعمال إلى مجموعة عوامل:
• رخص المادة.
• فعالية المادة كمضاد للبكتيريا الطفيليات.
• سهولة استخراجه من بعض الفاكهة والخضار.
• عدم التسبب بأي حالات تحسس. وكنتيجة لكل هذه العوامل، حظيت هذه المادة بموافقات عدّة منظمات تعنى بسلامة الدواء والاستهلاك أهمها الـ FDA.
لكن خلال السنوات الأخيرة، شكّلت نتائج بعض الدراسات صدمة عند العلماء والمخبريين، إذ أظهرت وجود هذه المادة في بعض العينات لخلايا سرطانية مأخوذة لأورام من البشر. وتتوالى الدراسات بشكل كبير حالياً، وسيتم عرض نتائج دراستين من جامعات تحظى بمكانات علمية مرموقة نشرتا في مجلات علمية متخصصة (حسب رأي أساتذة في مختبرات الكيمياء في الجامعة اللبنانية):
الدراسة الأولى:
حاولت التأكد من وجود مادة الباربين في بعض الخلايا السرطانية: نشرت مجلة “MICROCHEMMICAL JOURNAL” العلمية عام 2010 في (العدد 96) تجربة أجريت على بعض الخلايا في محاولة لمعرفة كميات وأنواع البارابين الموجودة في هذه الخلايا. وكانت التجربة وفق الآتي: أخذت عينة من خلايا سليمة (لا تحوي خلايا سرطانية) و9 عينات من خلايا سرطانية من عدة مرضى وكانت النتيجة: يمكن الاستنتاج من الجدول أن الخلايا السليمة تحتوي على نوع واحد فقط من البارابين (methyl paraben) وبكمية قليلة.
إذا ما قورنت بالكمية الموجودة في الخلايا السرطانية التي تحتوي بالحد الأدنى على ثلاثة أنواع من البارابين، خصوصاً الـ Butyl paraben الذي ظهر بالكمية الأكبر (معدل 5199) والذي يعتبر الأكثر شبهاً للأستروجين. وتخلص دراسة أخرى نشرتها مجلة STEROIDS عام 2011 (العدد 76) إلى أن الأستروجين (وهو هرمون ثبتت علاقته بالأورام السرطانية) والبارابينن يعملان فيزيولوجياً بطريقة متشابهة جدّاً، حيث تتجمع مادة البارابين في الخلايا الدهنية وتحفز المستقبلات الخاصة بالأستروجين وظهر ذلك بوضوح من خلال تفعيل ذات الجين. CaBP- 9K أضف إلى ذلك،
فإن دراسات حديثة تشير أيضاً إلى أن الكمية المتبقية من الباراين المستخدمة على الجلد، وعلى المدى الطويل تتفاعل مع أشعة الشمس (UVB) مما يؤثر سلباً، ويؤدّي إلى تضرّر DNA، وبالتالي الأضرار بالجلد، وكنتيجة لارتفاع نسبة الإصابة بسرطان الجلد سيما عند الأشخاص المعرضين.
هذه الدراسات وغيرها دفعت المنظمات الصحية العاليمة (WHO/ FDA) إلى وضع هذه المادة تحت التجربة والاختبار. في محاولة لإثبات مستوى خطورة هذه المادة، وبالتالي حسم الجدل القائم واتخاذ القرار المناسب.
وكما اتجهت معظم دول الاتحاد الأوروبي إلى اعتبار0.4% (نسبة البارابين من مجمل المستحضر) هي النسبة القصوى المسموح بها، والمتعارف عليها، في محاولة للتقليل من تعرض الجسم لهذه المادة.
ختاماً، من المؤكد أن الموضوع يثار على نطاق واسع عالمياً، وترتقب نتائج الأبحاث منظمات عالمية صحية موثوقة، لتبني على الأمر مقتضاه، ولكن أي قرارات سحب أدوية ومستحضرات، يخضع للعديد من التجاذبات صحية منها وأخرى تجارية، وفق تقييم شامل للنتائج السلبية والإيجابية لموضوع سحبه، خصوصاً أنه يستعمل على نطاق واسع في أدوية ومستحضرات لها فعالية وسمعة جيدة منذ عشرات السنين،
وبالتالي من الضروري الاهتمام بالموضوع على مستوى الجهات الرسمية المعنية في لبنان (وزارتا الصحة والاقتصاد، نقابة الصيادلة) والمسؤولة عن إعطاء تراخيص إدخال الأدوية والمستحضرات. وفي النهاية قد يكون الخيار والقرار الشخصي هو الأنسب بالعودة إلى المستحضرات الطبيعية، وبالتالي التخفيف قد الإمكان من إستخدام المستحضرات الصناعية، وهذا يؤدي إلى التقليل من خطر الإصابة، بالإضافة إلى متابعة النشرة الداخلية للجهات الصحية العالمية والمحلية،
وكل هذا لا بدّ أن يوجّه المعنيين إلى اتخاذ القرار المناسب بناءً على المعطيات العلمية الصحيحة.
المصدر:الهيئة الصحية الاسلامية