كان للرسول (ص) علاقةً عجيبةً بابنته فاطمة(ع)، بديهي أن علاقة النبي الكريم (ص) بفاطمة (ع) لم تكن علاقة الوالد بولده، رغم أنَّ هذه العاطفة مكونة في وجود الرسول(ص)، إلاّ أن أحدايثه وعباراته عن تلك العلاقة تشير إلى وجود معايير أخرى :
1 ـ عن السيدة عائشة:«ما كان أحد من الرجال أحب إلى رسول اللّه من عليٍّ ولا من النساء أحب إليه من فاطمة»(2).
2 ـ عندما نزلت الآية الشريفة: (لا تَجْعَلوا دعاء الرّسولِ بينَكم كدعاء بعضكم بعضاً)(3) .
لم يخاطب المسلمون الرسول(ص) باسمه، بل أخذوا ينادونه يا رسول اللّه أو يا أيها النّبي ـ تقول فاطمة(ع) لمّا نزلت الآية الشريفة هبت رسول اللّه أن أقول له يا أبه. فكنت أقول: يا رسول اللّه، فأعرض عني مرةً واثنين أو ثلاثاً، ثم أقبل عليَّ فقال: يا فاطمة إنّها لم تنزل فيك ولا في أهلك ولا في نسلك، أنت مني و أنا منك، إنّما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش، أصحاب البذخ والكبر ثم أضاف هذه العبارة الروحية العجيبة قولي يا أبه فإنّها أحيى للقلب وأرضى للرّب»(4)
. لقد كان لصوت فاطمة(ع) الحنون وهي تردد «يا أبتاه» وقعاً مؤثراً في نفس الرسول (ص) كوقع أمواج النسيم على البراعم المتفتحة.
3 -«كان رسول اللّه(ص) إذا سافر كانت آخر الناس عهداً به فاطمة وإذا رجع من سفره كانت عليها أفضل الصلاة أوّل الناس عهداً به»(5).
4 ـ نقل كثير من محدثي الشيعة والسنّة حديثاً للرسول(ص)قال فيه: «من آذاها فقد آذاني ومن أغضبها فقد أغضبني من سرها فقد سرني ومن ساءها فقد ساءني» لا شك أن حرمة الزهراء(ص) ورفعتها انما تعود لسمو شخصيتها وسمو مكانتها واخلاصها وعلو ايمانها وعبوديتها، ولا غرو فهي أم الائمة و زوج أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع).
لكنّ الرسول(ص) أراد أن يفهم المسلمون حقيقة أخرى ويفصح عن رأي الاسلام بشأن أمر آخر فيخلق ثورة فكرية و ثقافية في ذلك الوسط فيقول: البنت ليست كائنا يجب أن توأد. أنظروا ... أني أقبل يد ابنتي، واجلسها مكانى، وأكن لها عظيم احترامي وتقديري. البنت إنسان كسائر الناس، نعمة من نعم الخالق، وموهبة إلهية.
وانها كأخيها الرجل في سيرها نحو الكمال والقرب الالهي، وهكذا أعاد رسول اللّه(ص) للمرأة شخصيتها التي تصدعت في ذلك الوسط المظلم.
الزهراء (ع) سيدة نساء العالمين، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
1 ـ الفضائل الخمسة، ج3 ص127.
2 ـ نُقل مضمون هذا الحديث في العشرات من الأحاديث التي رواها أهل السنّة (إحقاق الحق)، ج10، ص 167.
3 ـ سورة النور، آية 63.
4-ـ مناقب ابن شهر آشوب، ج3، ص 320.
5 ـ الفضائل الخمسة، ج3، ص 132.