كل الدراسات والمؤشرات والمعلومات تشير إلى أن لبنان من البلدان التي تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة المدخنين .. والخطير في ذلك، أن هذه الزيادة تشمل من هم تحت سن الـ 18 عاماً، أي تدخين المراهقين ومن هم في أول عمر الشباب ..
وتتصدر النرجيلة هذه النسب، بعد أن أصبحت تشبه "المهرب الدارج" للمراهقين والشباب في المقاهي المنشرة في الأحياء والمدن .. الأرقام عن هذا الواقع مخيفة فعلاً، ولا يمكن لمجتمع إلا أن يتوقف عندها .. والمخيف أكثر فيها، هو عدم مواجهتها، ولامبالاة الأجهزة المعنية والدولة بأكملها، وبالتالي ترك الباب مشرعاً أمام ارتفاع أعداد الوافدين الجدد إلى نادي المدخنين المراهقين ..
من هنا تحديداً، كان قرار بعض البلديات، بمنع بيع المشتقات التبغية والنرجيلة لمن هم دون الـ 18 عاماً، كخطوة في مشوار المهمات الاجتماعية - والتربوية والتثقيفية لهذه البلديات .. فهل تشكل نموذجاً يُحتذى؟! انتبه .. هنا، ممنوع التدخين للمراهقين! بينما يغرق لبنان في جميع أنواع الملوثات والإخفاقات، البيئية، الاقتصادية والسياسية، جاءت خطوة بعض البلديات الجنوبية وبلدية الغبيري وحارة حريك في الضاحية الجنوبية بمنع التدخين والمشتقات التبغية والأرغيلة لمن هم دون الـ 18 عاماً، لافتة جداً ومهمة، وتستحق التوقف والتنويه ..
البداية كانت من بلدية العباسية .. ثم بلديتي قانا والغبيري وبرج قلاوي .. واللافت أكثر أن القرار لاقى استحساناً شعبياً وبلدياً واجتماعياً كبيراً، بعد أن شكلت هذه الظاهرة هاجساً اجتماعياً وبيئياً مفزعاً للأهل والهيئات الإجتماعية .. وهو ما يُتوقعُ أن يدفع ببلديات أخرى لتحذو حذو البلديات المذكورة في الأيام المقبلة .. مع ما يترتب على ذلك من متابعات وانعكاسات والتزامات اجتماعية وأمنية وقضائية.
القرار تُرجم بدعوة وُجهت إلى أصحاب المقاهي في البلدات والأحياء الواقعة ضمن نطاق هذه البلدات "للإمتناع عن تقديم أو بيع النرجيلة الى الشباب والشابات دون سن 18 عاماً"، مع تحذير بأنه "سيتم تسطير محاضر ضبط وتغريم المخالفين مبالغ مالية كبيرة تفوق ال 5 ملايين ليرة لبنانية في حال عدم الالتزام بالقانون". وقبل الكلام عن الموضوع، يصرُّ رئيس بلدية الغبيري الاستاذ معن الخليل على "شكر الإعلام المهتم، وموقع "العهد" على متابعة القضية لما لها من أبعاد اجتماعية، ثقافية، صحية، بيئية وتربوية، ولما للإعلام تأثير في نشر الفكرة"
.. ثم يؤكد أن "القرار اتخذ بتنفيذ القانون 174 على مراحل، ابتداءً من منع تدخين المراهقين (ما دون 18 عام)، ومنع بيع المنتجات التبغية لهذه الفئة من الأعمار ضمن نطاق الغبيري".
ويشير الخليل إلى أن "البلدية بدأت فعلياً وعملياً بتطبيق القرار، حيث كلفت المفارز الصحية والبيئية وقسم سلامة الغذاء وشرطة البلدية بتطبيق القرارين الصادرين عنها، بما يلزم من محاضر ورفعها للقضاء المختص" .. ومتابعة للأمر ولأهميته، يلفت الخليل لموقعنا بأن "الاسبوع المقبل سيكون هناك لقاء تشاوري مع الجمعيات الاهلية الموجودة ضمن نطاق الغبيري والكشافة والجامعات واقسام البلدية، لوضع ما تقرر بمفاعيله كلها الارشادية التوعيوية والتثقيفية موضع التنفيذ، والتعاون بما يؤدي إلى الحد ومكافحة هذه الآفة البشعة والخطيرة"، يختم الخليل.
بلدية العباسية ..
الرياضة والثقافة بديل عن التدخين ومن نفس المنطلقات الاجتماعية، التربوية، الثقافية والصحية، يسرد رئيس بلدية العباسية - أول بلدية اتخذت القرار
- الحاج علي موسى عزالدين، لموقع "العهد" دوافع القرار و"الالتزام بتطبيق القانون 174 الصادر عن مجلس النواب عام 2012 .. وذلك انطلاقاً من المسؤولية الاجتماعية للبلديات، وملامسة منا لواقع الشباب - تحديداً ما دون الـ 18 عام - المولع بالنرجيلة والتدخين على أنواعه، كان لا بد من الوقوف بوجه الظاهرة المتصاعدة والمخيفة بالنسبة لمجتمعنا".
اذاً، كان قرار بلدية العباسية الجنوبية بالتصدي لهجمة هدامة، تسرق من أعمار الشباب ما لا يمكن تعويضه، بعد أن "شاهدت - عبر أجهزتها المختصة - بأم العين كيف يغزو المقاهي شباب بأول العمر وما قبله، يطلبون النرجيلة فتُقدم لهم من دون وازع أو تردد".
وهو ما دفع برئيس البلدية إلى "عقد اجتماع مع لجنتي الصحة والبيئة، وكان القرار: المساهمة في مكافحة انتشار تدخين من هم تحت الـ 18 عاما"، يخبر عزالدين موقعنا.
مباشرة، كان التنفيذ عملياً "فأعطينا الأمر لشرطة البلدية لمتابعة القرار وتنفيذه وبدأنا تسيير دوريات لمراقبة المقاهي والمطاعم الواقعة في نطاق بلدتنا".
لكن عزالدين يعلم أن الواقع لن يتبدل "بكبسة زر"، وبالتالي فإن "الالتزام قد لا يكون كاملاً، وهو ما نسعى إلى تعويضه ومتابعته مع الأهل وكل من يمكن أن يساعد لتحقيق أوسع رقعة التزام بالقانون في البلدة". يعلم عزالدين أن المهمة ليست تقليدية بالنسبة للبلدية، لكنها تحدٍ يجب خوضه. لذلك، يشدد على ضرورة المواصلة، فالبلدية "فتحت الباب وأطلقت الفكرة، ووضعت القانون موضع التنفيذ، والمطلوب الآن لاكتمال المشهد، تعاون الأهل والجمعيات والهيئات الاجتماعية والكشافة في البلدة، ونحن سنقيم ندوات تثقيفية وتوعوية من أجل تعميم الفكرة، وبالتالي الوصول إلى واقع جديد بين الشباب" يقول عزالدين.
واقعٌ، ترسم له البلدية ملامح لا تشبه النرجيلة ولا التدخين، بل تتناغم مع روح الشباب الرياضي والمثقف من خلال "بناء الملاعب والأندية وكل ما يمكن أن يحاكي ميول شباب البلدة وشاباتها" .. ويبعد عنهم آفة العصر: تدخين المراهقين!!
المصدر:موقع العهد الاخباري