لكي تنجح الأمّ في رسالة التربية التي تريد أن تؤدّيها، هناك صفات أساسية يجب أن تلازمها تتلخّص بالأمور التالية:
1- إظهار الحبّ والعطف
إنّ الحبّ والعطف على الولد هو من طبيعة الأمّ، وليس تكلّفاً أو أمراً مصطنعاً، فتعلّق الأمّ بالولد أمر واضح بالوجدان ولا نقاش فيه، ويظهر جليّاً في قصّة أمّ موسى عليه السلام، حيث يقول تعالى مخبراً عنها ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ َلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ * وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾14.
هذه المحبّة الموجودة في قلب كلّ أمّ يجب أن تفعّلها وتظهرها للولد. فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "أكثروا من قبلة أولادكم فإنّ لكم بكلّ قبلة درجة في الجنّة مابين كلّ درجة خمسمائة عام".
2- الحلم والصبر
على الأمّ أن تكون ذات حلم وصبر واسع، حتّى تستطيع أن تؤدّي دورها الإيجابيّ بشكل صحيح في تربية الولد، فإنّ قلّة الصبر ستتسبّب بالكثير من التعقيدات على المستوى النفسيّ والتربويّ، ويجب أن تعرف خصوصيّة الطفل وأنّ ما يصدر منه ممّا قد يزعجها كالبكاء مثلاً هو أمر طبيعيّ جداً يعبّر عن الصّحة، وربما عدمه يعبّر عن المرض.
من هنا فعليها أن توطّن نفسها على استيعاب هذه الأمور حتّى لا ترتدّ على أعصابها بشكل سلّبي، وقد ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تضربوا أطفالكم على بكائهم فإنّ بكاءهم أربعة أشهر شهادة أن لا إله إلّا الله، وأربعة أشهر الصلاة على النبيّ وآله، وأربعة أشهر الدعاء لوالديه"
3- المواساة
يجب أن تكون الأمّ على مسافة واحدة من الأولاد، فلا تميّز بينهم بالشكل الذي يمكن أن ينعكس سلباً بينهم، فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "من كان له أنثى فلم يُبدِها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنّة"17. وقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نظر إلى رجل له ابنان فقبّل أحدهما وترك الآخر فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "فهلّا واسيت بينهما".
* مكانة المرأة ودورها,نشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافية,