كان دأب عصر الجاهلية على هذا المنوال: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ﴾1، ولكنّ دين الإسلام المقدّس نهض لمناصرة الفتيات، وحمايتهنّ من غضب الآباء وقهرهم وعدم رضا الأمّهات.
ففي الرؤية الإسلاميّة تتمتّع الفتيات بامتيازات خاصّة وتفضيل واضح؛ إذ ذُكرن في الروايات على أنّهنّ أفضل من الأبناء، كما في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: "خير أولادكم البنات"2، وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: "البنات حسنات، والبنون نعمة فالحسنات يثاب عليها، والنّعم يسأل عنها"3.
وأنّ الله أرحم بهنَّ منه بالصبيان، عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: "إنّ الله تبارك وتعالى على الإناث أرأف منه على الذّكور، وما من رجل يدخل فرحة على امرأة بينه وبينها حرمة إلا فرّحه الله تعالى يوم القيامة"4.
وجُعلت للفتيات امتيازاتٌ أكثر من امتيازات الفتية. جاء عن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم: "نعم الولد البنات؛ ملطّفات، مجهّزات، مؤنسات، مباركات، مفليات"5. وحثّ الإسلام الرجال على رعاية البنات، فاستطاع من خلال إعلانه عن الثواب الأخروي ورفعه لمنزلة المرأة الاجتماعية، أن يدفع بالوالدين لقبول الفتاة واستحسانها ورعايتها.
فقد ورد عن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال: "من كانت له ابنة فأدّبها وأحسن أدبها وعلّمها فأحسن تعليمها، فأوسع عليها من نعم الله التي أسبغ عليه؛ كانت له منعة وستراً من النار"6.
وعنه صلى الله عليه واله وسلم أيضاً: "ما من بيت فيه البنات إلا نزلت كلّ يوم عليه اثنتا عشرة بركة ورحمة من السماء، ولا ينقطع زيارة الملائكة من ذلك البيت؛ يكتبون لأبيهم كلّ يوم وليلة عبادة سنة"7. وعنه صلى الله عليه واله وسلم قال: "نعم الولد البنات المخدّرات؛ من كانت عنده واحدة جعلها الله ستراً من النّار، ومن كانت عنده اثنتان أدخله الله بها الجنّة، ومن يكن له ثلاث أو مثلهنّ من الأخوات وضع عنه الجهاد والصّدقةُ"8.
وعن الإمام علي عليه السلام أنّه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إذا بُشّر بجارية قال ريحانة ورزقها على الله"9. فكلّ هذه الرعاية، وهذا الاهتمام بالفتيات في الإسلام لا للتمييز بين الفتيات والفتيان، بل لدور الفتيات المهمّ والتكاليف المُلقاة على عاتقهنّ في المستقبل. فالفتيات في المستقبل سوف يتعهّدن تربية جيلٍ شجاع، صادق ومؤمن، وسيكُنّ أساسَ وركنَ العائلة في المستقبل وأساسَ السكون والهدوء في نظام الحياة.
المصدر:من كتاب التربية الاسرية جمعية المعارف