من الخصائص لدى أمير المؤمنين عليه السلام هو الاستغفار
إذ كان للدعاء والتوبة والإنابة والاستغفار حيّز واسع في حياة أمير المؤمنين عليه السلام, فهو كان يقاتل ويُعبّئ الجيوش، ويُدير شؤون دولة كانت تعتبر من أكبر الدول يومذاك, وقد حكمها مدّة تناهز الخمس سنوات فالدولة الّتي حكمها كانت تضم حوالي عشرة بلدان وهذا السلطان الواسع بكلّ ما يستلزمه من جهود ومساعٍ كان أمير المؤمنين عليه السلام يديره بكلّ جدارة، إضافة إلى ميادين الحرب وإدارة الشؤون الاجتماعيّة للمسلمين، والقضاء بين الناس والمحافظة على حقوق أبناء المجتمع، كانت أعمالاً كبرى ومهمّة وتتطلّب عملاً ومثابرة, وتستحوذ على وقت الإنسان برمّته,
وفي مثل هذه المواقف يقول الإنسان المحدود ببعد واحد: إنّ دعائي وعبادتي هو هذا، فأنا أعمل في سبيل الله، لكن أمير المؤمنين عليه السلام لم يقل هذا، بل كان يؤدّي تلك الأعمال، ويَعْبُد أيضاً.
جاء في بعض الأخبار اأنّه عليه السلام كان يصلّي أحياناً في اليوم والليلة ألف ركعة, وهذه الأدعية الّتي تسمعونها هي أدعية أمير المؤمنين عليه السلام, فهو قد بدأ الدعاء والتضرّع والإنابة منذ أيّام شبابه, كان حينها في شغل متواصل.
وفي أيام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان شاباً ثوريّاً وله حضور في جميع الميادين, أي إنّه كان في حالة عمل دؤوب, ليس لديه وقت فراغ, حتّى في مثل تلك الظروف حين تَساءل جماعة من القوم عن أكثر الناس عبادة قال أبو الدرداء: عليّ أكثر الناس عبادة. قالوا: كيف؟ فذكر لهم مثلاً على ذلك وأقنعهم: كان حينها شاباً يبلغ من العمر نيفاً وعشرين سنة, وهكذا كان دأبه في الفترة الّتي تلتها، وفي أيّام خلافته.
هناك قصص متنّوعة عن عبادة أمير المؤمنين عليه السلام مثل قصّة نوف البكاليّ. و الصحيفة العلويّة الّتي جمعها عظماء العلماء تعكس الأدعية المأثورة عن أمير المؤمنين عليه السلام, وأحدها هو دعاء كميل الّذي تقرأونه ليالي الجمعة
ودعاء كميل دعاءعظيم, يبدأ بالاستغفار, ويقسم على الله بعشرة أشياء منها: "اللّهمّ إني أسألك برحمتك الّتي وسعت كلّ شيء" ، ويسأله غفران خمسة ذنوب: "اللّهمّ اغفر لي الذنوب الّتي تهتك العصم، اللّهمّ اغفر لي الذنوب الّتي تنزل النقم، اللّهمّ اغفر لي الذنوب الّتي تحبس الدعاء و...الخ". أي أنّه يستغفر من أوّل الدعاء حتّى آخره، وهذه هي السمة الأساس في دعاء كميل
المصدر:جمعية المعارف