نصائح القائد للشباب
تقوى اللَّه واصلاح النفس وتهذيبها:
ربما يمكن القول أن التحول الأخلاقي أكثر صعوبة، ولهذا يبقى المخاطب الأول والمسؤول الأول في باب التحول الأخلاقي هم الشباب، حيث تكون جميع الأعمال أيسر وأسهل بالنسبة لهم.
إنّ الشبّان قلوبهم نيّرة وفطرتهم سليمة لم تتلوث، وتعلقهم بزخارف الدنيا ومغرياتها وتكتفهم بحبال حب المال والجاه والتسلط التي يرزح تحت قيودها سائر الناس، تكون أضعف وأقل بالنسبة للشباب، ولهذا يكون التحول الأخلاقي بين الشبان أيسر. وطبعاً لا ينبغي لمتوسطي الأعمار والكهول اليأس من إمكانية التغيير الأخلاقي في نفوسهم.
فنحن نريد من الجيل الشاب التدين والصلاح والورع، وأن يتصف في الوقت ذاته بالحيوية والنشاط والإبداع والخلاّقية، وأن يعمل ويتجّنب البطالة والكسل، ويجعل التقوى شعاراً له ــ
وأعتقد أنني تحدثت ذات مرّة حول هذا المعنى في خطبة صلاة الجمعة ــ ويكبح جماح نفسه، ويكرّس هذه الطاقة الهائلة المسمّاة بطاقة الشباب في سبيل رقيّه وتكامله وخدمة بلده وأسرته.
هذا هو أملنا بالشباب. كما وأن لكل وقت متطلباته، فإذا ما خاض البلد حرباً نرتجي من الشباب شيئاً، وإذا كان البلد في حالة اعمار وبناء نرتجي منهم شيئاً آخر.
ــ إنه لمن الصواب جداً أن يتمسك الشاب بمنهج الإسلام في الحياة. فهو إذا كان متديناً، ينظر دوماً ويراقب مدى صحّة أو عدم صحّة فعله وسلوكه ودراسته وعلاقته وفهمه للأمور. وهذا التفكير ــ في صحة أو سقم سلوكه ــ بحد ذاتها تجسيد للتقوى.
ـ بتطهير أنفسكم الذي يتسنى للشباب عن طريق ولوج المعارف الدينية الإلهية وطرق أبواب العلوم الإنسانية والعمل الديني السليم. لأن كل ما يريده الإسلام هو إنزال ما لدينا من طاقات كامنة إلى حيز الفعل. ـ
هناك في القرآن الكريم نقطة أساسية لا بأس بعرضها على أسماعكم أيها الشباب الأعزاء، وتلك هي التزام التقوى. وحينما يريد المرء تجسيد صورة عن التقوى تتبادر إلى ذهنه معاني الصوم والصلاة والعبادة والذكر والدعاء. صحيح أن هذه المعاني بأجمعها يتضمنها مفهوم التقوى، إلا أن أياً منها لا يعكس بمفرده معناها.
فالتقوى تعني مراقبة الذات وأن يلتفت الإنسان إلى كل عمل من أعماله، وأن يصدر كل فعل من أفعاله _عن قصد وفكر وإرادة وعزم واختيار، كمثل الإنسان الذي يمتطي فرساً ويمسك زمامه بيده ويعلم إلى أين يريد المسير.
هذا هو مفهوم التقوى. ــ أما من حُرم من التقوى فأفعاله وقراراته ومستقبله ليس طوع يديه، تشبههُ أحد خطب نهج البلاغة بمن لا يعرف الفروسية وأركب ــ لا برغبته ــ فرساً صعباً جموحاً، حتى وإن كان ركوبه برغبته فهو لا يعرف كيف يمسك برشام الجواد.. لا يدري أين يذهب به الفرس، أين ما ذهب به لا يملك خياراً آخر، ومثله لا نجاة له. ــ إن الشباب يميل بشكل طبيعي إلى التنافس.
حسناً، إنّ التنافس الذي نطمح إليه ونأمل أن يتمرس عليه الشباب هو أن يكون مع النفس الأمارة بالسوء الداعية إلى الانحطاط والرذيلة والمانعة عن السمو والتكامل، وكبح جماح تلك النفس.
والشباب مدعوون لمقاومة نوازع الشهوة والنزوات وجميع الحوافز التي تدفعهم إلى مثل هذه الرذائل. شوط الحياة لا يطوى بهذه السهولة. فليس هناك من عمل مهم وجاد يمكن انجازه بسهولة، والإنسان إذا ما رام نيل شيء ثمين لا بدّ له من بذل شيء من الجهد وتحمل المشقّة.
المصدر:كتاب الشباب ذخيرة الاسلام