الإيمان بالله قيمة الإنسان الكامل، والتعبّد لله سلّم الوصول إلى قمم الكمال، وقد حازت السيدة فاطمة الزهراء (ع) مقاماً عالياً بما اشتملت عليه من درجات الإيمان وبما اجتهدت في الدنيا وبما أخلصت من العبادة لله سبحانه وتعالى .
شهادة القرآن على إخلاصها
شهد القرآن الكريم ـ في سورة الدهر ـ على كمال إخلاص السيدة فاطمة (ع) وخشيتها لله سبحانه وعظيم إيمانها به وباليوم الآخر، فالزهراء (ع) ممّن شهد الله لها بأنّها من الأبرار الذين يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شرّه مستطيراً: "يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا، وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا ، إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ، وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا .
شهادة الرسول على طاعتها وعبادتها
وشهد الرسول (ص) لها قائلاً : « إنّ ابنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها إيماناً إلى مشاشها ففرغت لطاعة الله ». وأخبر عن عبادتها « أنّها متى قامت في محرابها بين يدي ربّها جلّ جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عزّوجل لملائكته : يا ملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيّدة إمائي قائمة بين يديّ ترتعد فرائصها من خيفتي وقد أقبلت بقلبها على عبادتي ، أُشهدكم أنّي قد أمّنت شيعتها من النار ».
شهادة ابنها الإمام الحسن(ع)
قال الحسن بن علي (عليهما السلام) : «رأيت اُمي فاطمة (ع) قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعةً ساجدةً حتى اتّضح عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء ، فقلت لها : يا اُمّاه! لمَ لا تدعينَ لنفسكِ كما تدعين لغيرك ؟ فقالت : يا بُنيّ الجار ثم الدار».
ما كان في الأمة أعبد من فاطمة كانت تخصّص الساعات الأخيرة من نهار الجمعة للدعاء، كما كانت لا تنام الليل في العشر الأخير من شهر رمضان المبارك وكانت تحرّض جميع من في بيتها بإحياء الليل بالعبادة والدعاء .
وقال الحسن البصري : ما كان في هذه الاُمّة أعبد من فاطمة ، كانت تقوم حتى تورّمت قدماها. وكانت تنهج في صلاتها من خوف الله تعالى. وهل خرجت فاطمة في حياتها كلّها عن المحراب ؟ وهل كانت حياتها كلّها إلاّ السجود الدائم ؟ فهي في البيت تعبد الله في حسن التبعّل وفي تربية أولادها، وهي في قيامها بالخدمات العامة كانت تطيع الله وتعبده أيضاً، كما أنّها في مواساتها للفقراء كانت تقوم بعبادة الله بنفسها وبأهل بيتها مؤثرة رضا الله سبحانه وتعالى على نفسها.
المصدر:موسوعة أعلام الهداية، المجمع العالمي لأهل البيت (ع)- بتصرف