بدأت صباح اليوم هدنة مؤقتة في الغوطة الشرقية بعدما هيّأت الدولة السورية بالتعاون مع مركز المصالحة الروسي في حميميم معبرًا إنسانيًا لاستقبال المدنيين الراغبين في الخروج من الغوطة عبر منطقة مخيم الوافدين. وفور الإعلان عن الممرّ، بدأ المدنيون بالتوجه نحوه للهروب من بطش وإرهاب التنظيمات المتطرفة التي منعت أيّ مدني من الخروج أو الاقتراب من المعبر، واستهدفته بعدد من القذائف الصاروخية ورصاص القنص، الأمر الذي كشف زيف ادعاءات بعض وسائل الإعلام التي تُروّج الأكاذيب.
الهدنة المؤقتة التي أُعلن عنها صباح اليوم في الغوطة الشرقية لا توقف العمل العسكري نحو مواقع الإرهابيين في الغوطة بشكل نهائي، كما حصل في معركة أحياء شرق حلب، حين فتح الجيش السوري عددًا من المعابر الإنسانية لخروج الأهالي، وتأمينهم من بطش الإرهابيين، فالدولة السورية ماضية في تطهير الغوطة الشرقية من التنظيمات الإرهابية و الفصائل المتحالفة معها وفق القرار رقم 2401 المتفق عليه في مجلس الأمن الدولي مؤخرًا.
مصدرٌ حكومي سوري قال لموقع "العهد" الإخباري إنّ "روسيا هددت باستخدام الفيتو إذا ظلّ مشروع القرار المقدم من الكويت والسويد كما هو، لكن المفاوضات التي جرت بين الروس و الأمريكيين بعد تأجيل التصويت على هذا القرار والتي وصلت إلى مستوى وزراء الخارجية قد أدت إلى إصدار هذا القرار والاتفاق عليه، إذ تمسّكت موسكو بمطلب استثناء التنظيمات الإرهابية وأولها "داعش" و"النصرة" وكل الفصائل الإرهابية المرتبطة بهما، لأن الدبلوماسية الروسية والسورية قد استخلصت دورسًا عديدة من تجربة معركة أحياء شرق حلب"، وأضاف "الكذب الغربي الذي مورس حينها على موضوع فصل ما يسمى بالمعتدلين عن التنظيمات الإرهابية سمح للمسلحين بالتقاط أنفاسهم وشن هجمات عنيفة على أحياء غرب حلب والكليات الحربية، وشكّل درسًا كبيرًا لموسكو ودمشق حيث لا يمكن الوثوق بواشنطن بعد الآن".
ورأى المصدر الحكومي أن "قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الذي ينص على استثناء "داعش" و"النصرة" ينسجم مع قرارات مجلس الأمن، وهو يعطي الدولة السورية الحق الكامل في شن العمليات العسكرية على التنظيمات الإرهابية في الغوطة الشرقية التي ستُقضم مناطقها بالتدريج، حرستا و عين ترما وجوبر والشيفونية كلها تشهد عملًا عسكريًا للجيش السوري الذي سيُبقي التنظيمات المتبقية في وضع عسكري صعب سيضطرها للدخول في تسويات كبرى، وبالتالي سيكون سيناريو معركة الغوطة شبيهًا لسيناريو معركة حلب، وهذا ما أكده المسؤولون الروس والسوريون".
وأكد المصدر الحكومي نفسه لـ"العهد" أنّ "الدولة السورية لم تعد قادرة على تحمّل سقوط المزيد من القذائف، إذ تكفي ثمانون ألف قذيفةً التي سقطت طيلة السنين الماضية والتي راح ضحيتها أكثر من ثمانية عشر ألف مواطن سوري حسب إحصائيات الطب الشرعي في سوريا فضلًا عن آلاف الجرحى و المصابين".
الجماعات الإرهابية تتخذ من المدنيين في الغوطة الشرقية دروعًا بشرية لهم، ولذلك من واجب الدولة السورية أن تنقذ سكان الغوطة لأنهم رهائنٌ محتجزون يجب على الجيش السوري تخليصهم وإنقاذهم في تكرار لما حدث في أحياء شرق حلب، حسب حديث المصدر الحكومي الذي أضاف أنّ "إنقاذ سكان الغوطة الشرقية جزءٌ من عمل الجيش السوري وواجبٌ شرعي و دستوري عليه أن يقوم به، فحماية كل مواطن سوري من مسؤولية الدولة و مهمة يجب على الجيش السوري تنفيذها". المصدر أشار إلى أنّ "الفصائل الإرهابية قد وضعت الناس في أقفاص حديدية فشرعيتها الأساسية تكفيرية تقوم على استئصال الآخر و عدم القبول به، وإذا كانوا فيما بينهم لا يتفقون و يتذابحون فكيف سيمكن مشاركتهم في الحياة السياسية والاجتماعية مستقبلاً، ليست هذه التنظيمات إلّا جماعات عدمية إجرامية تستخدم من قبل الناتو لخدمة مشاريعه".
القرار 2401 يغطي العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش السوري نحو مواقع الإرهابيين في الغوطة الشرقية وأفشل إرادة الدول الغربية بتمرير قرار هدنة يشمل جبهة النصرة كما جرى في أحياء شرق حلب حين كان الأمريكان يتلاعبون في فصل ما يسمى بالمعارضة المعتدلة عن التنظيمات الإرهابية وفق المصدر الحكومي. وأكد أنّ "هذا الأمر قد بات شيئاً أولوياً وجوهرياً بالنسبة لموسكو ودمشق إذ لن يُسمح بقرار إلا ضمن هذه الصلة، وقرار الهدنة الذي اتفق عليه يخدم هذا الهدف لأنه لا يشمل النصرة والقاعدة وغيرهما".
وتطرق المصدر الحكومي إلى موضوع المساعدات الإنسانية مؤكدًا أنّ " عمليات إدخال المساعدات كانت تتم بالتنسيق بين الحكومة السورية والمنظمات الدولية طيلة السنوات الماضية والدكتور بشار الجعفري أشار خلال مطالعته أمام مجلس الأمن الدولي بعد صدور القرار الى أن الممثل المقيم في دمشق تحدث عن أن المساعدات الإنسانية قد وصلت إلى مليونين وأربعمئة ألف شخص، في حين كذب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وقال إن المساعدات لم تصل سوى لقرابة عشرين ألف شخص، والدولة السورية تتعاطى مع هذا الموضوع بمرونة كبيرة لأنهم مواطنون سوريون محتجزون لدى المنظمات الإرهابية حيث كانت تجري عمليات إدخال المساعدات تحت إشراف الدولة السورية عبر الهلال الأحمر و الفصائل الإرهابية تسرقها".
ويطمئن المصدر الحكومي السوري الى أن تطهير الغوطة الشرقية من التنظيمات الإرهابية مسألة وقت لا أكثر، لافتًا الى أن قرار الهدنة الذي سيسمح للجيش السوري بقضم مناطق الغوطة بالتدريج سيُؤجّل موت بعض التنظيمات التي لا يمكن لأية دولة في العالم أن تتحمّل تكفيرها وممارساتها الإجرامية، وختم "أية دولة في هذا العالم لا تقبل على الإطلاق بوجود مثل هذه التنظيمات فالقرار بالقضاء عليها متخذ ولن يتمّ التراجع عنه مهما حاولت الدول الغربية ذلك". سوريا
المصدر: موقع العهد الإخباري