ورد عن الشيخ االمفيد، عن الصدوق،عن الحسين (عليه السلام ) أنّه قال:
لمّا مرضت فاطمة بنت رسول الله (ص) وصّت إلى علي بن أبي طالب (ع) أن يكتم أمرها ويخفي خبرها ولا يؤذن أحداً بمرضها، ففعل ذلك، وكان يمرّضها بنفسه،وتعينه عفى ذلك أسماء بنت عميس(رحمها الله)،على استسرار بذلك كما وصت به.
فلما حضرتها الوفاة وصت أمير المؤمنين(ع) أن يتولى أمرها،ويدفنها ليلاً ويعفى قبرها،فتولى ذلك أمير المؤمنين (ع)ودفنها،وعفّى موضع قبرها.
فلما نفض يده من تراب القبر ،هاج به الحزن، فأرسل دموعه على خدّيه وحولّ وجهه إلى قبر رسول (ص)فقال:
السلام عليك يا رسول ،السلام عليك من أبنتك وحبيبتك،وقرّة عينك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك،المختار الله لها سرعة اللحاق بك؛
قلّ يا رسول الله عن صفّيتك صبري،وضعف عن سيدة النساء تجلّدي،إلاّ أنّ في التأسي لي بسنّتك ،والحزن الذي حل بي لفراقك،موضع التعزي،ولقد وسدّتك في ملحود قبرك، بعد أن فاضت نفسك على صدري،وغمضتك بيدي،وتولّيت أمرك بنفسي .
نعم وفي كتاب أنعم القبول، إنّا لله وإنّا إليه راجعون؛
قد استرجعت الوديعة،وأخذت الرهينة،واختلست الزهراء،فما اقبح الخضراء والغبراء،يا رسول الله،أما حزني فسرمد،وأمّا ليلي فمسهد،لا يبرح الحزن من قلبي أو يختار الله لي الدار التي فيها أنت مقيم،كمد مقيّح،سرعان ما فرق الله بيننا،وإلى الله أشكو، ستنبئك أبنتك بتظاهر أمتك عليّ،وعلى هضمها حقها ،فستخبرها الحال ،فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا،وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين.
سلام عليك يا رسول الله، سلام مودع لا سئمٍ ولا قال ،فإن أنصرف فلا عن ملالة،وإن أقم فلا عن سوء ظني بما وعد والله الصابرين، الصبر أيمن وأجمل،
(و)لولا غلبة المستولين علينا ،لجعلت المقام عند قبرك لزاماً، والتلبث عنده معكوفاً، ولا عولت إعوال الثكلى على جليل الرزيّة؛
فبعين الله تدفن بنتك سراً،ويهتضم (حقها قهراً،ويمنع) إرثها جهراً، ولم يطل العهد ،ولك يخلق منك الذكر،فإلى الله يا رسول المشتكى،وفيك أجمل العزاء؛ فصلوات الله عليها وعليك ورحمة الله وبركاته.
* من كتاب عوالم العلوم للشيخ عبدالله البحراني الأصفهاني