في الحادية عشرة والنصف تماماً، وصل رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى قصر بعبدا. لم يتأخّر الزائر المنتظر في الوصول. عينُ الصحفيين وكاميراتهم على لحظة الدخول. الأسئلة انهالت على الضيف، الذي اكتفى بالإجابة "رح تحرز أكتر بالطلعة".
سُرعان ما بدأ اللقاء الموعود في مكتب رئيس الجمهورية ميشال عون. وبطبيعة الحال، لم ترق الصورة التي جمعت الرئيسين للبعض. أولئك الذين حاولوا "دق الإسفين" بين الرئاستين الأولى والثانية، والاصطياد بالماء العكر، لم تفلح جهودهم، ومحاولاتهم الحثيثة لبث الفتنة التي أخمدتها حكمة الرئيس بري، و"عقلانية" الرئيس عون الذي بادر بالاتصال، فلاقته عين التينة في منتصف الطريق وردت التحية بأحسن منها. وائدةً الفتنة في مهدها، بعد أن غذاها سيل التحليلات والتأويلات الذي انتشر كالنار في الهشيم إثر "الفيديو" الشهير. البعض -ممن يضمرون الشر للعلاقة بين عين التينة وبعبدا - تنبأ بخصومة سياسية طويلة الأمد، فيما لاقاه الآخر، عازفاً على وتر الانقسام والشرذمة. فمنذ اتصال الرئيس عون بالرئيس بري الخميس الفائت واتفاقهما على اللقاء اليوم، والأنظار شاخصة الى ما سيتمخّض عن هذا الإجتماع الذي استمرّ نحو الساعة والنصف، ليخرج بعده الرئيس بري، منوهاً بأجواء الجلسة "المثمرة" كما وصفها.
ويتبعه رئيس الحكومة سعد الحريري -الذي انضمّ الى اللقاء منذ الدقائق الأولى-، معلناً أن النتائج إيجابية، وفي اللقاء، جرى شرح لكل المرحلة السابقة، واتفاق على التعاون جميعاً لمصلحة المواطن. وهو ما أكدته مصادر بعبدا في حديث لموقع "العهد الإخباري"، لافتةً الى أنّ الإجتماع استثاني أقرب الى "غسيل القلوب".
وفق المصادر يدعو اللقاء الى التفاؤل بطي الأزمة والعبور الى الأمام، بعد أن جرى استعراض لكافة القضايا الخلافية، وتم وضع النقاط على الحروف، وترطيب الأجواء. بيان بعبدا وقد صدر بيان عن الرئاسة الأولى أكّد ما بات معلوماً بأن الإجتماع خصص للبحث في الاوضاع العامة في البلاد والتطورات الاخيرة، ولا سيما التهديدات الصهيونية ضد سيادة لبنان واستقلاله وسلامة اراضيه، والتي تمثلت بعزم كيان العدو على بناء جدار اسمنتي قبالة الحدود الجنوبية وفي نقاط على " الخط الازرق" يتحفظ عليها لبنان، اضافة الى الادعاءات التي اطلقها وزير الحرب الصهيوني حول ملكية المربع "رقم 9" في المنطقة الاقتصادية الخالصة، وذلك بالتزامن مع اطلاق لبنان مناقصة تلزيم والتنقيب عن النفط والغاز فيها.
ووفق البيان، تدارس المجتمعون المعطيات المتوافرة حول أبعاد التهديدات الصهيونية، ورأوا فيها انتهاكا واضحا لقرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701 وتهديدا مباشرا للاستقرار الذي يسود المنطقة الحدودية منذ بدء تطبيق المرحلة الأولى من القرار الدولي في شهر آب من العام 2006، وذلك نتيجة الجهود التي يبذلها الجيش اللبناني بالتعاون مع القوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل). وبحسب البيان، اتفق المجتمعون على الاستمرار في التحرك على مختلف المستويات الاقليمية والدولية، لمنع كيان العدو من بناء الجدار الاسمنتي داخل الحدود اللبنانية، ومن احتمال تعديها على الثروة النفطية والغازية في المياه الاقليمية اللبنانية، وذلك من خلال سلسلة إجراءات سوف تعرض على المجلس الاعلى للدفاع في اجتماع استثنائي يعقد قبل ظهر غد الاربعاء 7 شباط الجاري برئاسة الرئيس عون وحضور الحريري والوزراء المعنيين، اضافة الى قادة الاجهزة الامنية ، وذلك بهدف اتخاذ ما يناسب من قرارات تمنع التعديات الصهيونية، وتحول دون حصول اي تدهور أمني في المنطقة الحدودية.
وتطرق المجتمعون الى الأوضاع الداخلية، وما شهدته الساحة اللبنانية من أحداث خلال الايام العشرة الماضية وأسبابها، وتم الاتفاق على معالجة ما حصل من خلال المؤسسات الدستورية وفقاً للدستور والانظمة والقوانين المرعية الاجراء، مؤكدين وجوب التزام وثيقة الوفاق الوطني التي ارتضاها اللبنانيون بهدف المحافظة على وحدتهم الوطنية وصيغة العيش الفريدة التي تميزهم وعدم السماح لأي خلاف سياسي بأن يهدد السلم الاهلي والاستقرار الذي تنعم به البلاد، لا سيما وان لبنان مقبل على المشاركة في مؤتمرات دولية نظمت خصيصا من اجل مساعدته على تعزيز قواه العسكرية والامنية، والنهوض باقتصاده، وتمكينه من مواجهة التداعيات السلبية التي نتجت عن تدفق النازحين السوريين الى اراضيه على الصعد الامنية والاقتصادية والصحية والتربوية والاجتماعية.
كما اتفق المجتمعون على ضرورة تفعيل عمل المؤسسات الدستورية كافة ولا سيما منها مجلس النواب ومجلس الوزراء، وتوفير المناخات السياسية والامنية المناسبة لإجراء الانتخابات النيابية في 6 ايار المقبل في أجواء من الديمقراطية كي يتمكن اللبنانيون من خلالها، من التعبير بحرية عن خياراتهم التي تجسد صحة التمثيل النيابي، لا سيما وأن القانون الانتخابي الجديد الذي ستجري الانتخابات على أساسه يطبق للمرة الاولى منذ قيام دولة لبنان الكبير. كما تم الاتفاق على العمل لإقرار موازنة العام 2018 في أسرع وقت ممكن. وأهاب المجتمعون بالقيادات اللبنانية كافة تجاوز الخلافات والارتقاء في الاداء السياسي الى مستوى عال من المسؤولية الوطنية التي تفرضها دقة المرحلة في ظل التحديات التي تواجه لبنان، وتتطلب وقفة تضامنية واحدة تحمي وحدة اللبنانيين وسلامة الوطن.
المصدر: موقع العهد الاخباري