الكلم الطيب يرفع مقامك
تجهد التربية الإسلامية على تعويد الناس على الكلام الطيب والقول الحسن واجتناب هجر الكلام ومره. وقال تعالى :"إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه"1.
إن الكلم الطيب يصعد إلى الله ويجازي عليه، ويبارك لصاحبه فيه. وقد أكد الإسلام على ذلك كثيرا، وقد أمر الله عباده أن يقولوا أحسن القول. وقال تعالى :"وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم"2 .
إن الكلام الطيب يجعل الإنسان محمودا في سيرته، ومرضيا في سلوكه، كما يجنّبه الكثير من المشاكل والمصاعب التي تترتب على الكلام السيء، فإنه في كثير من الأحيان يثير الأحقاد، ويلقي الناس في شر عظيم. كما أن آداب الكلام، في الإسلام، أن يغض الرجل صوته ولا يجهر به، فقد قال تعالى :"واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير"3 .
ولقد روى الإمام موسى الكاظم (ع) أن رسول الله (ص) كان يعجبه أن يكون الرجل خفيف الصوت، ويكره أن يكون جهير الصوت. وذلك لأن في لهجة الخطاب إذا كانت بصوت عال فإنها تنمً عن سوء الأخلاق وانحطاط السلوك والآداب.
هذه بعض النزعات الكريمة التي تنهج التربية الإسلامية في غرسها في أعماق النفوس ودخائلها. وهي قبس من نور الله، ونفحة من نفحات رحمته، تدفع الإنسان إلى السلوك الطيب، وتوحي له بفعل الخيرات، وتصده عن الشذوذ والإنحراف. إن النزعات الشريرة الكامنة في آفاق النفس تدفع إلى المنكر والإثم، وتصد عن الطريق القويم، فإذا تركت وشأنها طغت على الإنسان، وسلبت منه المثل الكريمة، وجردته من الصفات الرفيعة التي يمتاز بها عن الحيوان السائم.
وقد وضع الإسلام الأسس السليمة لقلع جذورها، وإخماد نارها، وتجميد فعالياتها ليكون الإنسان بمأمن من شرورها وآثامها. وقد تصدى علماء الأخلاق من المسلمين إلى البحث عنها على ضوء ما أثر عن الإسلام فيها كتابا وسنة.
الهوامش :
1- سورة فاطر 35: 10
2- سورة الإسراء 17: 53
3- سورة لقمان 31: 19
المصدر: من كتاب "النظام التربوي في الإسلام"؛ باقر شريف القرشي،