إن جميع الحالات الجسدية والنفسية للأم تؤثر على الطفل . لأن الطفل في رحم الأم يعتبر عضواً منها . فكما أن الحالات الجسمانية للأم والمواد التي تتعذى منها تؤثر على الطفل ، كذلك أخلاق الام فأنها تؤثر في روح الطفل وجسده كليهما .
وقد يتأثر الطفل أكثر من أمه بتلك الأخلاق . فإذا أصيبت الأم في أيام الحمل بخوف شديد ، فالأثر الذي تتركه تلك الحالة النفسية على بدن الأم اصفرار الوجه ، أما بالنسبة إلى الجنين فإنه يتعدى ذلك إلى صدمات عنيفة.
« إذا حدث للمرأة في أيام الحمل حادث مخيف فإنه يتغير لونها ويقشعر بدنها لكن تظهر على جسم الجنين آثار امتقاع اللون تسمى بالخسوف »
وهكذا فإن هموم الأم وغمومها ، غصب الأم واضطرابها ، تشاؤم الأم وحقدها ، حسد الأم وأنانيتها ، خيانة الأم وجنايتها ، وبصورة موجزة جميع الصفات الرذيلة للأم ...
وكذلك إيمان الأم وتقواها ، طهارة قلب الأم وتفؤلها ، صفاء الأم وحنانها ، مروءة الأم وإنسانيتها إطمئنان الأم وراحة بالها ، شجاعة الأم وشهامتها ، وبصورة موجزة جميع الصفات الحميدة للأم ...
جميع هذه الصفات خيرها وشرها تترك آثارها في الطفل ، وتبني أساس سعادة الجنين وشقائه . وهنا يتحقق قول النبي ( ص ) : « الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمه ».
أما النص الآتي كشاهد من العلم الحديث : « إن الاضطرابات العصبية للأم توجه ضربات قاسية إلى مواهب الجنين قبل تولده ، إلى درجة أنها تحوله إلى موجود عصبي لا أكثر .
ومن هنا يجب أن نتوصل إلى مدى أهمية التفات الأم في دور الحمل إلى الابتعاد عن الأفكار المقلقة ، والهم والغم ، والاحتفاظ بجو الهدوء والاستقرار » (2) إن الاسلام قام بجميع الاحتياطات اللازمة في موضوع الزواج للاهتمام بطهارة الأجيال الاسلامية ، وأمر بتعاليم دقيقة في الزيجات حول الجهات الروحية والجسدية للرجال والنساء .
ولقد رأينا فيما مضى كيف أن الاسلام منع من التزوج من المصابين وبالحمق والجنون والمدمنين على الخمرة ولكنه لم يكتف في سبيل ضمان النشء الاسلامي بذلك الحد بل منع ـ في مقام الاستشارة ـ من تزويج الرجل سيء الخلق : « عن الحسين بن بشار الواسطي قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام ان لي قرابة قد خطب إلي وفي خلقه سوء ، قال : لا تزوجه إن كان سيء الخلق » .
____________
المصدر: الطفل بين التربية والوراثة -محمد تقي فلسفي -