فمن آداب صاحب البيت
1- الأكل مع الضيف
أول الآداب الخاصة بصاحب البيت أن يأكل مع ضيفه فلا يتركه يأكل لوحده, ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه و آله: "من أحب أن يحبه الله ورسوله فليأكل مع ضيفه".
وفي رواية أخرى عنه صلى الله عليه و آله: "من أكل طعامه مع ضيفه فليس له حجاب دون الرب".
وإن من الأعراف واللياقات أن لا يدع الإنسان ضيفه يأكل لوحده، ثم يدخل إلى غرفة أخرى ليأكل بمفرده- فإن مثل هذا العمل يعد في العرف إهانة كبيرة للضيف- أو يتركه ليأكل وهو ينظر إليه وهذا مما يخجل الضيف.
2- أن لا يستخدم الضيف
من آداب صاحب البيت أن لا يستخدم ضيفه كأن يسأله أن يناوله الإبريق مثلاً أو أي أمر آخر، بل عليه هو أن يخدم الضيف, فقد روى أبو يعفور أنه رأى عند الإمام الصادق عليه السلام ضيفا فقام يوماً في بعض الحوائج، فنهاه عن ذلك، وقام بنفسه إلى تلك الحاجة وقال: "نهى رسول الله صلى الله عليه و آله أن يستخدم الضيف".
3- أن لا يتكلف للضيف
فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه و آله: "لا يتكلفن أحد لضيفه ما لا يقدر". وفي الرواية عن الإمام الرضا عليه السلام: "دعا رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال له عليه السلام: قد أجبتك على أن تضمن لي ثلاث خصال، قال الرجل: وما هي يا أمير المؤمنين"؟
قال عليه السلام: لا تدخل علي شيئاً من خارج، ولا تدخر عني شيئاً في البيت، ولا تجحف بالعيال، قال ذاك لك يا أمير المؤمنين.
فإن الله تعالى لا يحب أن يضيق الإنسان على نفسه كما أن شر الأخوان من تكلف له. وما ذلك إلا لأنَّ الأخ الذي يشعرك بلزوم التكلُّف له ليس أخاً حقيقة, لأن الأخ الحقيقي لا يسبب إحراجا لأخيه، ولا يثقله للحرج وللمشقة.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أمر في غاية الأهمية، وهو أنه هناك فرقاً بين أن يكون الإنسان جالساً في بيته، ويأتيه أخ من دون دعوة، وبين أن يقيم الإنسان وليمة ويدعو إليها إخوانه وأهله، ففي الحالة الأولى لا ينبغي أن يتكلف الإنسان لأخيه فيها، والروايات التي مرت إنما تتحدث عن هذه الحالة وأشباهها، أما لو أقام الإنسان وليمة ودعا الناس إليها، فينبغي له التكلف بأن يحسن المأكل والمشرب ويهيئ لهم من الكرامة ما يليق بشأنه وشأنهم، ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا أتاك أخوك فأتِهِ بما عندك، وإذا دعوتَه فتكلَّف له".
فضل إكرام الضيف
كثرت الروايات التي تتحدث عن لزوم إكرام الضيف الداخل إلى دار الإنسان، منها ما روي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله: "من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه".
بل إن من أفضل موارد الإنفاق لمن اتاه الله المال والسعة هي إكرام الضيوف بما يدخل فيه السرور إلى قلوبهم فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "من أتاه الله مالاً فليصل به القرابة وليحسن منه الضيافة".
ومن فضل الله تعالى على المؤمنين أنه جعل الرزق في دخول الضيف إلى المنزل, فمن كان يخاف العسر من كثرة الضيوف فعليه أن يثق بما وعد به الله تعالى على لسان رسوله المصطفى صلى الله عليه و آله حيث روي عنه أنه قال: "الرزق أسرع إلى من يطعم الطعام من السكين في السنام".
بل إن من فضل الله تعالى على المؤمنين المضيفين أن يغفر الله لهم ذنوبهم ببركة الضيف وبركة الضيافة, ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و آله: "الضيف ينزل برزقه ويرتحل بذنوب أهل البيت".
البيت الذي لا ضيف فيه
إن بيت الإنسان المؤمن المحافظ على القيم والمبادئ الإسلامية، معمور بالملائكة التي تستغفر له ولأهل بيته المؤمنين، ومن الأمور التي تجعل هذا البيت خالياً من الملائكة الكرام المسبحين، عدم دخول الضيوف إلى هذا المنزل فقد ورد في الحديث عن الإمام علي عليه السلام: "كل بيت لا يدخل فيه الضيف لا تدخل فيه الملائكة". وفي رواية أخرى أن الإمام علي عليه السلام شوهد حزينا فسئل عن علته فقال عليه السلام: "لسبع أتت لم يضف علينا ضيف".
* كتاب اللياقات الإجتماعية، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، مركز نون للتأليف والترجمة.