أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل السفارة الأميركية من "تل أبيب إلى القدس"، وقال "اتخذت قراراً أنه حان الوقت للاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل". واعتبر ترامب في كلمة ألقاها من البيت الأبيض أنه "لا يمكن حل كل المشاكل من خلال الفرضيات الفاشلة نفسها"، وأن الإعلان اليوم "يشكل بداية لمقاربة جديدة تجاه النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
وتابع "جرى إمرار قرار الكونغرس بشأن القدس كعاصمة لإسرائيل منذ 20 عاماً إلا أن الرؤساء السابقين تنازلوا عن الأمر"، وأضاف "الرؤساء السابقون اعتقدوا أن تأجيل الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل يساهم في الحل". وادعى ترامب أن القدس هي "القلب النابض لديمقراطية تعتبر من الأنجح في العالم"، وزعم أن "القدس عاصمة أنشأها اليهود في السابق وهي مكان الحكومة الإسرائيلية الحديثة".
كما زعم أن قراره هذا "لا يهدف إلى الابتعاد عن الالتزام بتسهيل اتفاق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين"، وتابع "نحن لا نتخذ قرارات بشأن الحلول النهائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.. والولايات المتحدة ستدعم حل الدولتين في حال توصل الطرفان إلى ذلك". ورأى ترامب أن الراديكالية تهدد الأجيال المستقبلية وأن أميركا تتصدى لذلك، وشدد على أنه "حان الوقت للأصوات الشابة في الشرق الأوسط لتحقيق مستقبل أفضل للمنطقة."
وأنهى ترامب كلمته بالتوقيع على "قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل" ونقل سفارة بلاده إليها. وكان ترامب قال إن قراره بشأن نقل السفارة الأميركية من "تل أبيب" إلى القدس "تأخر كثيراً". وأضاف في اجتماع لحكومته قبيل الإعلان الرسمي عن نقل السفارة "أعتقد أنه تأخر كثيراً.. رؤساء كثيرون قالوا إنهم يريدون فعل ذلك ولم يفعلوا".
وفي أول ردود الفعل على القرار الأمريكي شدد الرئيس اللبناني ميشال عون على أن " قرار الرئيس الأميركي يهدد عملية "السلام" واستقرار المنطقة." وفي سياق متصل اعتبرت الخارجية الايرانية أن "قرار ترامب سيؤدي الى زيادة التطرف والعنف والغضب الذي ستتحمل مسؤوليته أمريكا والكيان الاسرائيلي." ونددت الخارجية الايرانية بشدة بـ"قرار الحكومة الاميركية نقل سفارتها الى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني،" معتبرة اياه " نقضا واضحا للمعاهدات الدولية." بدوره اكد وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ان "مدينة القدس ستبقى الى الأبد عربية اسلامية."
وكتب وزير الخارجية الايراني في تغريدة علي موقع "تويتر" بهذا الخصوص باللغة العربية لو كانت نصف الاموال التي انفقها بعض حكام المنطقة لدعم الارهاب والتطرف والطائفية والتحريض ضد دول الجوار، تنفق من اجل تحرير فلسطين، لما كنا نواجه اليوم الانانية الامريكية التي تريد اعلان بيان "وهب من لا يملك لمن لا يستحق"، بالرغم من كل ذلك فان القدس ستبقى الى الأبد عربية – اسلامية سواء شاؤوا أم أبوا ذلك."
كما اعتبرت رئاسة الجمهورية العربية السورية أن "مستقبل القدس لا تحدّده دولة أو رئيس، بل يحدّده تاريخها وإرادة وعزم الأوفياء للقضية الفلسطينية التي ستبقى حيّة في ضمير الأمة العربية حتى إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس." من جانبها أعلنت الفصائل الفلسطينية الأيام الثلاثة المقبلة أيام غضب في الداخل ومخيمات الشتات، ورأت حركة حماس أن" قرار ترامب سيفتح ابواب جهنم على المصالح الأمريكية،" بينما اعتبرت منظمة التحرير الفلسطينية أن " قرار ترامب بشأن القدس يدمر أي فرصة لحل الدولتين،" كما شددت حركة الجهاد الإسلامي على أن "قرار ترامب يشكل إعلان حرب ويجب النهوض لمواجهته.
" اتصل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية هاتفيا بنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لبحث توجهات الإدارة الأمريكية بشأن مدينة القدس. وأكد هنية خلال المكالمة مع بوغدانوف أن" قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس سيكون له تداعيات خطيرة على مختلف المستويات، إذ أنه خطوة تشكل "مخالفة صريحة لمبادئ القانون الدولي، وتحديا صارخا لكل القرارات الدولية، واستفزازا مباشرا لمشاعر المسلمين في كل العالم، وتصعيدا خطيرا يدخل المنطقة في مرحلة جديدة من الصراع".
من جانبه، عبر بوغدانوف عن قلقه من هذا القرار الذي ينوي الرئيس الأمريكي الإعلان عنه، مؤكدا تضامن الجانب الروسي مع الشعب الفلسطيني،" وأن "قضية القدس خاضعة لقرارات دولية."
واستنكرت الخارجية المصرية " القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل،" رافضة " أي آثار مترتبة عليه"، في وقت رأى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أن " قرار ترامب الأخير مؤسف وفرنسا لا تؤيده،" بينما نددت وزارة الخارجية التركية بالتحرك "غير المسؤول" من أمريكا بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ"إٍسرائيل."
ولفت الأمين العام للامم المتحدة الى أن " قرار ترامب يقوض المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية،" كما أدان الفاتيكان القرار. أما في الكيان الصهيوني، فرحب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بقرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل"، داعيا دول العالم لحذو حذوه. وقال نتنياهو، في خطاب مسجل تم نشره على حسابه الرسمي في موقع "يوتيوب" فورا بعد كلمة ترامب: "إن هذا يوم تاريخي، كانت القدس عاصمة للشعب اليهودي منذ 3 آلاف عام، وكانت عاصمة لإسرائيل منذ 70 عاما".
بدورها، حذرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" السلطات الإسرائيلية من الخطط الأمريكية حول نقل السفارة إلى القدس والاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل، لافتة إلى أن الإسرائيليين أول من سيدفع الثمن." وقالت الصحيفة الصهيونية "حتى لو لم يكن ينوي ذلك، فإن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول القدس من المرجح أن تسقط إسرائيل في "حساء" من المتاعب التي لا تريدها". وأضافت الصحيفة "حتى لو كانت التهديدات التي صدرت في الأيام الماضية من الفلسطينيين والدول العربية، مجرد شظية، فإن الإسرائيليين سيدفعون ثمنا باهظا من جراء الدعم الواسع للقادة الإسرائيليين الرئيسيين، لحملة ترامب ووعده بنقل السفارة".
وفي مؤشر لافت دعت الخارجية الأمريكية دبلوماسييها إلى عدم السفر إلى القدس والضفة الغربية و"إسرائيل" حتى 20 ديسمبر/كانون الأول الجاري. وطلبت السفارة الأمريكية في "تل أبيب" وقنصلية الولايات المتحدة العامة بالقدس في بيان صدر اليوم بتأجيل جميع الزيارات غير الضرورية لإسرائيل والقدس والضفة الغربية بدءا من الـ4 من ديسمبر وحتى الـ20 منه، دون توضيح أسباب الطلب.
المصدر: موقع العهد الاخباري