كانت المرأة ولا زالت سببا مهما من أسباب استمرارية الخليقة وباعثا أساسا من بواعث التناسل البشري ، والتكاثر الآدمي ، فالرجل لا يلد الرجل ، ولا الفتاة بغير الرجل منتجة ، فمن الرجل والمرأة كانت الامم والشعوب .
ومن المؤكد الذي لا جدال فيه أنها عامل من عوامل النشء ، وقيمة رفيعة من القيم الحضارية ، فعلى خلقها يتوقف مصير الاخلاق وعند حدود وعيها يتوقف مصير التقدم ، فمنها تبدأ مسيرة الحضارة الاجتماعية بمفهومها الواعي ، وبتخلفها تتراجع ، واليها يعود الفضل في التقدم والازدهار.
لقد تأرجحت النظرة الى المرأة باعتبارها كائنا منحطا أشبه بالاشياء منه بالاحياء! الى إعتبارها شيطانا رجيما يوسوس بالشر والخطيئة ! الى اعتبارها سيدة المجتمع والحاكمة في أقداره وأقدار حاكميه!! فالمرأة شطر النفس الانسانية ، و صانعة الجنس البشري و حارسة العش الذي تدرج فيه الطفولة والامينة على انفس هذا الوجود وإن عملها في إتقان هذا العنصر لا يعدله عمل في إتقان اي عنصر آخر.. الى آخر هذه الاعتبارات الفطرية الانسانية الكريمة .
لذلك فالاسلام هو الخطة الوحيدة المستقيمة والحل الوحيد الذي رسم للمرأة طريقا محددا وانهجها منهاجا صحيحا وخط لها دربا واضحا وآبان لها دورها في الحياة ، ومدى مسؤليتها في المجتمع وأظهر قيمتها ومنزلتها مع الاخرين ، وسن لها في القوانين حقوقا وواجبات وأعطاها ما لم يعطها من قبله ولا بعده احد من الامم والشعوب.
ففي رحاب النظام الاسلامي تستطيع المرأة كإنسان أن تساهم بصورة فعالة في بناء المجتمع الاسلامي ن فهي تتمتع بكافة الحقوق الاجتماعية والانسانية والتشريعية حيث خاطبها في القران بمثل ما خاطب الرجل وكلفها في العقيدة والمعاملة بمثل ما كلفه وساوى بينهما في القيم الانسانية والروحية.
وأراد الاسلام منها ان تعيش لعقلها أكثر مما تعيش لمظهرها ، وان تنطلق على أساس أنها إنسانة في المجتمع لا على أساس انها انثى ، لان أنوثتها مقدسة في الاسلام ، ولكنها في داخل المجتمع النسوي ومع زوجها.
وأما حديثا : فقد تواطأت مختلف العوامل والاسباب على عزلها عن مشاكل المجتمع ، وإبعادها عن أحداث الحياة ،تارة باسم التدين والعفة واخرى باسم التحرر والاناقة. وفي كلتا الحالتين تصبح طاقات المراة معطلة مجمدة مع حاجة الامة الماسة الى اقل جهد او طاقة ضد هذا الواقع المرير.
فهل التدين والعفة تفرض على المرأة تلك الانطوائية والانعزال وتحبسها بين جدران البيت وتحصر اهتمامها بشؤون المطبخ؟! والحرية والاناقة هل تعني الميوعة والاهتمام بالاشياء الثانوية التافهة وصرف الوقت والجهد من أجل ابراز المفاتن ومواقع الاغراء في جسد المرأة؟! فالتدين الذي يدعو المرأة الى الجهل والانغلاق ويجمد طاقاتها وقدراتها ..
تدين مزيف لم توح به السماء ولم تأمر به الرسالة ، والتحرر الذي يحول المرأة الى أداة وسلعة تباع وتشترى هو عبودية بشعة يرفضها العقل و يأباها الضمير .
المصدر:كتاب الحجاب عادة ام عبادة للسيد شريف سيد العاملي- بتصرف