لقد اعتنى الإسلام على لسان النبيّ وأهل بيته المطهّرين بالصحّة الفرديّة عناية بالغة تفوق الوصف فسنّوا اُمواراً وأعمالا من شأنها ـ إذا روعيت ـ أن تقي الإنسان كثيراً من الأمراض والأسقام ، وتهيّء جوّاً سليم ورائعاً من الصحّة ، والعافية.
ففي مجال المطعم والمشرب
نهى النبيّ عن أكل الطعام الحار فقال (ص) : « برّد الطعام فإنّ الحارّ لا بركة فيه ».
ونهى عن النفخ في الطعام فقال(ص) : « النّفخُ في الطعام يُذهبُ بالبركة ».
ونهى الإمام الصادق (ع) عن ترك العشاء فقال : « أصلُ خراب البدن تركُ العشاء». ودعا إلى غسل اليدين قبل الطعام فقال : « من غسل يده قبل الطعام وبعده عاش في سعة وعوفي من بلوى في جسده ».
ونهى عن كثرة الأكل فقال : « كثرة الأكل مكروه ».
وقال : « الأكل على الشّبع يورث البرص ». ودعا الرسول (ص) إلى الافتتاح بالملح والاختتام به عند الطعام فقال : « يا عليّ افتتح بالملح واختتم به فإنّه شفاء من سبعين داءً منها الجنون والجذام والبرص ووجع الحلق ووجع الأمراض ووجع البطن ».
وقال : « افتتحوا بالملح واختتموا به وإلاّ فلا تلوموا إلاّ أنفسكم ». ودعا الإمام عليّ (ع) إلى المضغ الجيد للطعام في وصيّته لابنه الحسن (ع): «... وجوّد المضغ».
وفي مجال العناية بالملبس قال النبيّ (ص) : « من اتّخذ ثوباً فليطهّره » وفي رواية « فلينظّفه »
وقال الصادق (ع) : « النّظيف من الثّياب يذهب الهمّ والحزن ».
وقال في جواب من سأله هل يجوز أن يكون للمؤمن عشرة ثياب : « نعم ... وثلاثون ... فليس هذا من السّرف ». وفي مجال العناية بالحذاء :
قال النبيّ (ص) : « إدمان لبس الخفّ ( أي الحذاء ) أمان من الجذام ، شتاءً وصيفاً ».
وقال : « من اتّخذ نعلاً فليستجدها ».
وقال الإمام عليّ (ع) : « إستجادة الحذاء وقاية للبدن ».
وحول نظافة المسكن وسعته :
قال الإمام الصادق (ع) : « من سعادة المرء حسن مجلسه وسعة فنائه ، ونظافة متوضّئه ».
وقال (ع) : « من الشّقاء المسكن الضيّق ».
وقال (ع) : « من سعادة المرء المسلم سعة المنزل ».
وقال (ع) : « غسل الإناء ، وكسح الفناء ( أي كنس البيت ) مجلبة للرّزق ».
وقال (ص) : « اكنسوا أفنيتكم ولا تشبّهوا باليهود ».
وقال الإمام علي (ع) : « لا تأووا التّراب ( أي القاذورات ) خلف الباب فإنّه مأوى للشّياطين » (لقد وردت كلمة ( الشيطان ) في كثير من الروايات الصحيّة ، وحيث إنّ الشيطان كائن يترقّب منه الشرّ ويضرّ بالإنسان فاستعير لفظه في هذه الأحاديث للجراثيم والميكروبات التي تضرّ بالحياة البشريّة ولا يستبعد ذلك بل يلمسه كلّ من له إلمام بالأحاديث الإسلاميّة).
وقال (ع) : « نظّفوا بيوتكم من حول العنكبوت فإنّ تركه في البيت يورث الفقر ».
وقال : « لا تبيّتوا القمامة في بيوتكم فأخرجوها نهاراً فإنّها مقعد الشّيطان ».
حول المناديل الوسخة ووجودها في البيت :
« لا تأووا منديل اللحم في البيت ، فإنّه مربض الشّيطان ».
وحول تنظيف شعر الرأس وتمشيطه وتسريحه أو استئصاله قال النبيّ (ص) : « كثرة تسريح الرأس ... تجلب الرّزق و ... ».
وقال : « مشط الرأس يذهب بالوباء ».
وقال الإمام الصادق (ع) : « استأصل شعرك يقلّ درنه ، ودوابه ووسخه ، ويجلو بصرك ويستريح بدنك ».
وقال (ص) : « من اتّخذ شعراً فليحسن ولايته أو ليجزّه ».
وحول تقليم الأظفار
قال النبيّ الأكرم (ص) : « تقليم الأظفار يمنع الدّاء الأعظم ويدرّ الرّزق ».
وقال : « من أدمن أخذ أظفاره كلّ خميس لم ترمد عينه ».
وقال الإمام الباقر (ع) : « إنّ أستر وأخفى ما يسلّط الشّيطان على ابن آدم أن صار يسكن تحت الأظافير ».
وقال : « تقليم الأظفار يوم الجمعة يؤمّن من الجذام والبرص والعمى ».
وقال : « إنّما قصّ الأظفار لأنّها مقيل الشّيطان ومنه يكون النسيان ».
وحول شعر الأبط والشارب الذي يكون موضعاً مناسباً وصالحاً لنموّ الجراثيم قال النبيّ (ص) : « لا يطوّلنّ أحدكم شعر أبطه فإنّ الشيطان يتّخذه مخبئاً يستتر به ».
وقال : « لا يطوّلنّ أحدكم شاربه فإنّ الشيطان يتّخذه مخبئاً يستتر به »
. وفي مجال العناية بالاسنان دعا إلى تنظيفها باستمرار وذلك بالسواك والمضمضة فقال النبيّ (ص) : « لولا أن أشققّ على امّتي لأمرتهم بالسّواك ( أي لأوجبته عليهم وجوباً ) ».
وقال الإمام الصادق (ع) : « في السّواك عشرُ خصال ( أي فوائد ) : مطهرة للفم ، ومرضاة للرّب ، ومُفرحة للملائكة وهو من السّنة ، ويشُدّ اللّثّة ويجلُو البصر ، ويذهبُ بالبلغم ، ويذهبُ بالحُفر ».
وحول الاستحمام وغسل الرأس قال الإمام موسى بن جعفر (ع) : « الحمّامُ يوم ويوم لا ، يُكثرُ اللّحم ».
وقال النبيّ (ص) : « غسلُ الرّأس بالخطميّ في كُلّ جُمعة أمان من البرص والجُنُون والصُداع وطهُور للرّأس من الخزار ( أي القرع ) ».
هذا هو بعض ما أمكن إيراده من التعاليم والتوصيات في مجال الصحّة الفرديّة ، والسلامة الشخصيّة ، وهي غيض من فيض ، وقليل من كثير ، وإنّما ألمحنا إلى ذلك للإلفات إلى جانب من البرنامج الصحّي في النظام الإسلاميّ وأعرضنا عن الإلمام الكامل بتلك التعاليم رعاية للاختصار.
المصدر: مفاهيم القران، الشيخ جعفر السبحاني