إنّ الصيغة القرانية لمواصفات الشخصية المؤمنة بنماذجها المختلفة قد أخذت طريقها للتجسيد العملي في شخصية رسول اللَّه (ص )
فشخصية رسول اللَّه(ص) قد مثّلت قمة التسلسل بالنسبة لدرجات الشخصية الإسلامية التي توجد عادة في دنيا الإسلام
فكان(ص) وسلم عظيماً في فكره ووعيه، قمة في عبادته وتعلّقه بربّه الأعلى، رائداً في أساليب تعامله مع أسرته والناس جميعاً، مثالياً في حسم الموقف، والصدق في المواطن، ومواجهة المحن، فما من فضيلة إلاّ ورسول اللَّه(ص) سابق إليها، وما من مكرمة إلاّ وهو متقلّد لها.
ومهما قيل من ثناء على أخلاقيته السامية قديماً وحديثاً، فإن ثناء اللَّه تعالى عليه في كتابه العزيز يظل أدق تعبير وأصدق وصف لمواصفات شخصيته العظيمة دون سواء.
فقول اللَّه تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾(القلم –الآية4) عجز كل قلم وكل تصوّر وبيان عن تحديد عظمته، فهو شهادة من اللَّه (سبحانه وتعالى) على عظمة أخلاق الرسول(ص) وسمو سجاياه وعلو شأنه من مضمار التعامل مع ربّه ونفسه ومجتمعه، بناء على أنّ الأخلاق مفهوم شامل لجميع مظاهر السلوك الإنساني.
وقبل أن يتحدث القران عن عظمة أخلاقه فقد نطق الكفار والمشركون بهذه الحقيقة، والنبي(ص) يبعث بعد، فاتصاف النبي(ص) بالخلق العظيم لم يكن وليد الفترة التي بعث فيها، أو من افرازات تلك المرحلة تمشياً مع أهمية الدور الملقى على عاتقه، لا بل التاريخ يذكر ان النبي(ص)كان ذا منزلة أخلاقية عظيمة في العهد الجاهلي، وكان محل اعجاب وتقدير قومه ومجتمعه بل ومضرب المثل في ذلك. وقد شهد الكفار أنفسهم لرسول اللَّه(ص) صدق اللهجة والأمانة والعفاف ونزاهة الذات.
فقد روي ان الأحنس بن شريق لقي أبا جهل يوم بدر فقال له: يا أبا الحكم، ليس هنا غيري وغيرك يسمع كلامنا، تخبرني عن محمد صادق أم كاذب؟ فقال أبو جهل: واللَّه إن محمداً لصادق وما كذب قط. وقال النضر بن الحارث لقريش: قد كان محمد فيكم غلاماً حدثاً أرضاكم فيكم، وأصدقكم حديثاً، وأعظمكم أمانة حتى إذا رأيتم في صدغيه الشَّيب وجاءكم بما جاءكم به قلتم ساحر؟!
لا واللَّه ما هو بساحر. ولما بعث رسول اللَّه(ص)إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام، أحضر قيصر أبا سفيان وسأله بعض الأسئلة مستفسراً عن النبي، ومما سأله، قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل ان يقول ما قال؟ فقلت والكلام لسفيان: لا، قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، قال: كيف عقله ورأيه؟ قلت: لم نعب له عقلاً ولا رأياً قط. وروى الطبري: كانت قريش تسمى رسول اللَّه(ص) قبل ان ينزل عليه الوحي (الأمين).
المصدر:دروس من سيرة رسول الله (ص)، جمعية المعارف الإسلامية