شرف النسب:
هي السيدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب والدة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم).
تجتمع في نسبها مع عبدالله زوجها والد الرسول (ص) في كلاب، حيث أن أحد ابنيه قصي جد عبدالله، والآخر زهرة (المذكور أعلاه في سلسلة النسب) جد آمنة. فتكون بذلك من بنات أعمام عبدالله .
الزواج السعيد
عبدالله هو أصغر أولاد أبيه عبد المطلب، وعبدالله يومذاك كان أجمل أهل زمانه كلهم حيث لم يكن يُقدِم على أحبار يهود الشام أحد ٌمن أهل الحرم وتهامة ،إلا وسأل اليهود عن عبدالله بن عبد المطلب، فيجيب أهل قريش : بخ ٍ بخ ٍ تركناه في قريش يزداد تلألؤاً وحسناً وجمالاً وكمالاً. فيقول لهم الأحبار: معاشر قريش إن ذلك النور ليس لعبد الله بن عبد المطلب، ذلك النور لمحمدٍ نبيٌ يخرج من ظهره في آخر الزمان يغير عبادة اللات والعزى ويبطلها.
وكانت قريش إذا سمعت بذلك يغشى عليها (لعبادتها اللات والعزى)، ولشدة شغف النساء ببهائه، فقد لقي في زمانه ما لقي النبي يوسف الصديق من إمرأة العزيز في زمانه، حتى أن السحرة كانت تقول إن لم نغلب هذا الفتى على هذا النور الذي بين عينيه تخوفنا أن يسلبنا علمنا عما قليل. إلى يوم ٍ تحالف فيه سبعون حبراً من أحبار الشام على قتله، فجاؤوا بسبعين سيفاً مسموما ً وأخذوا يكمنون له ليلا ً نهاراً ...
فلما كان في بعض الأيام خرج عبدالله إلى الصيد وحيداً ، فأحدق به الأحبار ليقتلوه، فلما نظر إلى ذلك وهب بن عبد مناف الزهري وهو أبو آمنة أم رسول الله (ص) أدركته الحمية وقال: سبعون رجلا يحدقون برجل واحد من أهل مكة لا ناصر له ولا معين! أشهد لأنصرنّه عليهم. فحمل من مكانه لنصرته، فإذا به ينظر إلى رجال ليسوا من أهل الدنيا ينزلون من السماء إلى الأرض، فحملوا على اليهود وقطعوهم إرباً. فلما نظر إلى ذلك رجع إلى زوجته بُرّة بنت عبد العزى وأخبرها بما رأى وقال لها: انطلقي إلى عبد المطلب فاعرضي عليه ابنتك (آمنة) لابنه (عبدالله) لعلّه يتزوجها قبل أن يسبقنا إليه قومٌ آخرون. فجاءت بُرّة وفعلت كما طلب منها زوجها، فقال لها عبد المطلب: لقد عرضت إمرأة لا يصلح لإبني من النساء غيرها.
وكان الله قد أعطى آمنة من النور والكمال والبهاء والجمال ما كانت تدعى سيدة قومها فزوجها اياه على مائة ناقة حمراء .
ثم إن عبد المطلب خرج مع عبدالله إلى منزل وهب وقال: يا وهب إذا كان في الغد جمعنا قومنا وقومك ليشهدوا بما يكون من الصداق. وهكذا كان حيث أرسل عبد المطلب إلى بني عمه ليحضروا خطبتهم وجمع وهب قرابته وبني عمه، فاجتمعوا في الأبطح. ولما استقر بهم المجلس عقدوا عقد الزواج وقام عبدالمطلب فيهم خطيبا ً فقال: الحمد لله حمد الشاكرين حمدا ً استوجبه بما أنعم علينا وأعطانا، وجعلنا لبيته جيراناً، ولحرمه سكاناً، وألقى محبتنا في قلوب عباده، وشرفنا على جميع الأمم، ووقانا شر الآفات والنقم ، والحمدلله الذي أحل لنا النكاح وحرّم علينا السفاح، وأمرنا بالإتصالن وحرم علينا الحرام، اعلموا أن ولدنا عبدالله هذا الذي تعرفونه قد خطب فتاتكم آمنة بصداق كذا وكذا فهل رضيتم بذلك من ولدنا؟ قال وهب: قد رضينا منكم. ثم تصافحوا وتهانوا وأولم عبد المطلب وليمةًًً ً عظيمة ً حضر فيها جميع أهل مكة وشعابها ، وأقام الناس فرحين في مكة أربعة أيام ....
السيدة آمنة تحمل بالنبي(ص):
بعد الزواج بقي النور بين عيني عبدالله لا يخرج إلى بطن زوجه آمنة الطاهرة والغاية في العفة والكمال، ثم وبعد مدة من هذا الزواج المبارك توجه عبدالله في رحلة تجارية الى الشام ... دقت أجراس الرحيل وتحركت القافلة التجارية في رحلتها من مكة صوب الشام، وكانت آمنة في هذه الفترة تمرّ بفترة الحمل من زوجها عبدالله .
وبعد مضي بضعة أشهر،ٍٍ طلعت على مشارف مكة بوادر القافلة التجارية وهي عائدة من رحلتها، وخرج جمعٌ كبيرٌ من أهل مكة لاستقبال العائدين، ومن بينهم عبد المطلب وآمنة يبحثان في شوق ٍ لا يوصف عن وجه عبدالله يطل من بين العائدين. وليتبين أنه قد مرض أثناء عودته في يثرب فتوقف عند أخواله بني عدي بن النجار ريثما يشفى فيعود ويلتحق بالقافلة. بعث عبدالمطلب ابنه الحارث ليعود بعبدالله معه إلا أنه عاد بخبر وفاته .
. السيدة آمنة والمولود الجديد
عام 570 م حضرت فاطمة بنت أسد إمراة أبي طالب مخاض آمنة بالنبي حتى وضعت محمداً (ص) فقالت إحداهن للأخرى: هل ترين هذا النورالذي سطع ما بين المشرق والمغرب!! فقامت فاطمة وأخبرت أبو طالب بالنور الذي قد رأت، فقال لها: ألا أبشرك أما أنك ستلدين غلاما ً يكون وصي ها المولود.
وصادف ذكرى ولادة محمد سيد البشرية مع حادثة أصحاب الفيل المذكورة في القرآن عن جيش أبرهة الذي قدم ليهدم الكعبة فأرسل الله إليهم طيورا قتلتهم رجماً بالحجارة . وعندما أصبح الرسول الأكرم بعمر السادسة توفيت أمه في طريق عودتها معه في منطقة الأبواء بعد زيارتها لأخواله من بني عدي بن عبد النجار .
من فضائلها
انها كانت في سلسلة الأرحام المطهرة كما نقرأ في زيارة رسول الله(ص) (أشهد أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة لم تنحسك الجاهلية بأنجاسها) ، وأنها زوجة والد النبي وهذا التوفيق الإلهي لا تناله إلا من كانت ذو حظ عظيم ، وانها الوعاء الذي حمل سيد الكونين ، وأنها كانت كنفاً للرسول في المدة التي عاشتها، وكان النبي عندما يزور قبرها يبكي عندها، وأنه يستحب الطواف عند قبرها لقضاء الحوائج ..
المصدر: من كتاب الطريق إلى منبر الحسين لنيل سعادة الدارين - الشيخ عبد الوهاب الكاشي