.كتب القائد الخامنئي (دام حفظه) في مقدمة "صحيفة الإمام" ما يبيّن نظرته إلى الصّفات الشّخصيّة للإمام الخميني(قده) قائلاً:
بيدَ أن المعلم الفذّ في عصرنا الحاضر، ألا وهوالإمام روح الله الخميني، كانت تتجلى فيه كل هذه السّمات مجتمعة، بمستوىً بعيد المنال قليل النظير في أغلب الأحيان، إذ كان عالماً ورعاً، وعاقلاً متقياً، وحكيماً مدبراً، ومؤمناً مجدداً، وعارفاً شجاعاً وواعياً، وحاكماً عادلاً، ومجاهداً مضحياً.
كان سماحته فقيهاً وأصولياً وفيلسوفاً وعارفاً، ومعلم أخلاق، وأديباً وشاعراً، وقد تربَّع سنوات طوالاً على أرفع مقاعد التدريس، واستحوذ على اهتمام أبرز وأشهر المجامع العلميّة في الحوزة. فقد امتزجت خصوصيّاته الذّاتية البارزة مع ما نهله من المعارف القرآنية وزيَّن به قلبه وروحه، فصنعت منه شخصيّةً عظيمة وجذّابة ومؤثّرة بنحوٍ تبدو إزاءه كلُّ شخصية من الشّخصيات البارزة في القرن الأخير، الذي يعدُّ قرن الرّجال العظام والمصلحين الدّينيين وكبار السّياسيين والاجتماعيين، هامشية وقليلة الجاذبيّة وأحاديّة الجانب.
فالعمل الذي كرّس له همّته، واستطاع انجازه بايمانه وتوكّله ودرايته وصبره، كان عظيماً ومدهشاً ويبعث على الاعجاب بالدّرجة ذاتها أيضاً"(1). ورَسَم الإمام الخامنئي(حفظه المولى) طريقة في موقعه الولائي على خط ونهج الإمام الخميني(قده)، فطريق الإمام (قده) طريقه: "لقد سرت اليقظة في قلوب كل المسلمين، وفي كل مكان، ببركة ذلك الإنسان الوحيد في عصره، وراحت قصور الأمبراطوريات التسلطية الظالمة تهتزُ وتسير نحو الفناء، وأدركت الشعوب قيمة النهضة الشعبية، وراحت تجرّب مسألة انتصار الدم على السيف، وهي كلها في كل مكان تركز أنظارها على الشعب الإيراني المقاوم الذي لا يعرف التعب أو الكلل"(2).
والإمام أفضل شاخص وقدوة لنا، كما قال الإمام الخامنئي (حفظه المولى) ، فهو المعبّر بشخصه ومواقفه عن الخطّ الذي يجب أن نسير عليه: "إنّني أقول أنَّ أفضل المؤشرات والعلائم تكمن في نفس الإمام وفي خط الإمام، فالإمام(قده) هو أفضل شاخص لنا. فهو نَفْسُه يشكّل أبرز الشواخص، من خلال أفعاله وأقواله. إنَّ هوية الإمام وشخصيّته هي بهذه المواقف التي أظهرها بنفسه ببيانٍ صريح وأوضح ألفاظ وكلمات. هي هذه الأمور التي هزّت العالم، نفسُ هذه المواقف الصريحة هي التي جعلت الجماهير الغفيرة تميل إلى شعب إيران، وجعلت الكثيرين يتبعون هذا الشعب"(3) .
معالم الإسلام المحمدي الأصيل:
لخَّص القائد الخامنئي(دام حفظه)، في الذكرى الأولى لرحيل الإمام الخميني(قده)، معالم الإسلام المحمدي الأصيل، الذي كرَّس قواعده العامة الإمام الراحل(قده)، والتي رسمت خطوات الطّريق التي تعيد الإسلام إلى الحياة كما نزل على قلب رسول الله(ص)، بعباراتٍ قارن فيها بين ما أحدثه الإمام(قده) في مقابل ما رفضه من أعاق التّطبيق السّليم لتعاليم الإسلام:
"في ثورتنا الإسلامية يحل الكتاب والسُّنة، محل إسلام الخرافة والبدعة.
إسلام الجهاد والشهادة، محل إسلام القعود وتقبل الأَسْر والذل.
إسلام التعبد والتعقل، محل الإسلام الهجين والجاهل. إسلام الدنيا والآخرة، محل الإسلام الراكن للدنيا أوالرّهبانية.
إسلام العلم والمعرفة، محل إسلام التحجّر والغفلة. إسلام الدين والسياسية، محل إسلام التحلُّل واللامبالاة.
إسلام القيام والعمل، محل إسلام الخور والملل. إسلام الفرد والمجتمع، محل إسلام المراسيم الرسمية الخاوية.
والإسلام المنقذ للمحرومين، محل الإسلام الألعوبة بيد القوى.
وخلاصة ا لأمر: الإسلام المحمدي الأصيل، محل الإسلام الأمريكي"(4).
الإمام الخميني(قده) مجدِّدُ حياةِ الإسلام،
باتِّباعه بكل دقة طريق رسول الله(ص)، مزيلاً عنها الشّوائب التي علقت بها عبر التّاريخ، ومُظهراً لأحكام الإسلام الأصيلة، في حركة دؤوبة ومخلصة، واجهت التّحريف والغلو، لتصل إلى أهدافها في إعادة حقيقة الإسلام. يقول القائد الخامنئي(دام حفظه): "إنَّ إمامنا الراحل- ولكي يجدد حياة الإسلام- اتَّبع بكل دقة ذلك الطريق التي طواه الرسول الأكرم(ص)، أي طريق الثورة... ذلك أنَّ الحركة مبدأٌ في الثورة، الحركة الهادفة المدروسة المتّصلة، التي لا تعرف الكلّل والملل، والمترعة بالإيمان والإخلاص"(5).
أثار الإمام الخميني(قده) قضايا حياتية وحيوية يحتاجها المجتمع المعاصر.
وهي الّتي تدعم النّهضة الإسلامية، وتقدّم الإسلام حلاً لقضاياها المختلفة. وبصرف النّظر عن الظّروف التي أبعدت الحكومة الإسلامية عن مسرح الحياة، أو جعلت الفقهاء يعرضون عن التّفصيل والتّوسعة والدّعوة إلى مسائل فقهيّة مختلفة، فقد طرح الإمام (قده) كل المواضيع الأساسيّة والحسّاسة على بساط البحث للعمل بها، كقضايا: الحكومة، والعمل السياسي، والجهاد... يقول القائد الخامنئي(دام حفظه): "يعلم ذوو الاختصاص أنِّ ثمة مواضيع كقضيّة الحكومة، والحسبة، وغيرها من القضايا المتعلّقة بالفعل الجماعي والسّلطة السياسيّة، قد خلت منها كتب الفقه الشيعية منذ قرون، وبعضها لم تدخل عرصة البحث منذ البدء، كمسألة أساسية في الفقه الإسلامي- فقد نُحِّيت منذ عدة قرون من كتب الفقه الاستدلالي عند الشيعة، ولم تتناولها بالدراسة، والسّبب واضح: وليس لفقهاء الشيعة أي تقصير أو قصور في هذا المجال، بل لأن أمثال هذه القضايا ما كانت تعرض لهم"(6).
فالفقيه قادرٌ على استيعاب كل التّطورات، وتلبية جميع حاجات المجتمع: "حصل هذا في حياة الإمام القائد (الخميني)، فأوضح لمن يريد إدارة النّظام السّياسي، أنَِّ الفقه الذي يراد له إدارة حياة شعب أو مجموعة من الشعوب لا بدَّ وأن تكون له القدرة على استيعاب الظروف الزمانية وتلبية كل حاجة في حينها، وليس بإمكانه أن يترك أية ثغرة في المجالات السّياسيّة والاقتصاديّة والثّقافية وكل جوانب الحياة الإنسانيّة بلا جواب"(7).
المصادر:
(1) (صحيفة الإمام، ج1، ص: 9)
(2)(تجديد واجتهاد، ج1، الذكرى الأولى لرحيل الإمام(قده)، 1410هـ، ص: 51- 52).
(3)(الذكرى الواحدة والعشرين لرحيل الإمام الخميني(قده).
(4)(تجديد واجتهاد، ج1، الذكرى الأولى لرحيل الإمام(قده)، 1410هـ، ص 18- 19).
(5)(تجديد واجتهاد، ج1، الذكرى الأولى 1410هـ، ص: 15).
(6)(المصدر نفسه، ج1، الذكرى الساعبة لرحيل الإمام(قده) 1418هـ، ص:8).
(7)(تجديد واجتهاد، ج1، الذكرى السابعة لرحيل الإمام (قده)، 1418هـ، ص:90).