من حياة النبي آدم عليه السلام

من حياة النبي آدم عليه السلام

وقال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين’ .. كانت هذه اول معصية واول ذنب ارتكب على وجه الارض ..

 
بعد ان خلق الله عزوجل آدم (ع) حدثت الكارثة العظمى والمعصية الكبرى ، معصية اوامر الله تعالى ـ وذلك لما امر الله الملائكة ان تسجد لآدم ، فسجدوا وامتثلوا امر الله عزوجل الا ابليس "ابى واستكبر وكان من الكافرين ، وقال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين". 
 
كانت هذه اول معصية واول ذنب ارتكب على وجه الارض ، ومنه حدثت الكارثة والويلات على ابناء آدم حيث اخذ الشيطان يوسوس لهم ويبعدهم عن طاعة الله بعدما ابعده الله واخرجه من رحمته ، طلب منه ان يمهله الى يوم يبعثون : 
"قال فاخرج منها فانك رجيم ، وان عليك اللعنة الى يوم الدين ، قال رب فانظرني الى يوم يبعثون ، قال فانك من المنظرين ، الى يوم الوقت المعلوم ، قال رب بما اغويتني لازينن لهم في الارض ولاغوينهم اجمعين ، الا عبادك منهم المخلصين"  الحجر : ٣٤ ـ ٤٠
علماً ان السجود لم يكن لشخص آدم ، بل كان لله عزوجل. وكذلك قول الملائكة لله تعالى : اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء .. لم يكن اعتراض على الله بل كان استفسار وسؤال عما خفي عليهم من وجه الحكمة. 
وسبب امتناع الشيطان من السجود لآدم هو الكبر والغرور والتعصب الذي استولى عليه حيث اعتقد انه افضل من آدم ، ولا ينبغي له ان يسجد لآدم ، بل ينبغي ان يؤمر آدم بالسجود له. 
وهكذا كفر ابليس وذهبت عبادته وطاعته لله تعالى ادراج الرياح نتيجة تكبره وغروره ، وهكذا تكون دائما نتيجة الكبر والغرور. 
 
اسكانهما في الجنة : 
 
بعد ان انتهت المرحلة الاولى من حياة آدم (ع) وسجود الملائكة له وعصيان ابليس وامتناع من السجود ، تأتي المرحلة الثانية ، وهي اسكان آدم وحواء في الجنة ، حيث قال تعالى : "وقلنا يا آدم اسكن انت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين "
عندما اسكنهما الجنة اباح لهما كل شيء فيها سوى شجرة واحدة نهاهما من الاقتراب منها والاكل منها ، وقيل : كانت شجرة " السنبلة ".
استغل الشيطان هذه الفرصة واخذ يوسوس لهما لانه اقسم ان يغويهما وذريتهما ، واخذ يعده ويمنيه بالمغريات مثل الخلود في الحياة ، وباتخاذه شكل الملائكة ، الى غير ذلك ، واقسم لهما انه من الناصحين لهما. 
 
ولما سمع آدم كلام الشيطان اخذ يفكر في هذا الأمر، وحيث انه لم يمتلك تجربة كافية عن الحياة، ولم يكن قد وقع في حبائل الشيطان، ولم يعرف انه كاذب، كما انه لم يتصور انه يكذب بعد هذه الأيمان المغلّظة. 
ولهذا وقع في حبائل الشيطان ، وانخدع بوسوسته للحصول على ماء الحياة الخالدة والملك الذي لا يبلى، ولكنه لم يحصل على اي شيء من هذا ، بل سقط في ورطة المخالفة والعصيان للاوامر الالهية. 
 
وبمجرد ان ذاق آدم وزوجته من تلك الشجرة الممنوعة تساقط عنهما ما كان عليهما من لباس وانكشفت سوءاتهما وجردا من لباس الجنة الذي هو لباس الكرامة الالهية لهما. 
 
ولما رأى آدم وحواء نفسيهما عاريين ، استحيا وعمدا فورا الى ستر نفسيهما باوراق الجنة : "وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة " الاعراف : ٢٢. 
 
وفي نفس الوقت جاءهما نداء من الله يقول : الم احذركما من الاقتراب والاكل من هذه الشجرة؟ 
الم اقل لكما : ان الشيطان عدو لكما؟ فلماذا تناسيتم امري ووقعتم في مثل هذه الازمة : "قالا ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين"، ولكن كان جواب الله لهم شديد ، حيث اخرجهما من جنته ومما كانا عليه من سعادة وهدوء البال : "قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين ، قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون "
 
وعندما عرف آدم وحواء بكيد ابليس ، وخطته ومكره ، فكرا في تلافي الأمر ، وجبران ما صدر منها ، فسارعا الى التوبة ، فكان اول خطوة صدرت منهما هي : الاعتراف بظلمهما لنفسيهما امام الله حيث : "قالا ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين ".
 
التوبة والانابة الى الله تعالى واصلاح المفاسد هي : ان ينزل الانسان عن غروره ولجاجه ، ويعترف بخطأه اعترافا بنّاء ولا يعود عليه ولا يتكرر منه الخطا ، بل يسير في سبيل التكامل والصلاح. 
 
ولا شك ان مخالفة اوامر الله ونواهيه ظلم يورده الانسان على نفسه ، ويبعده عن رحمة الله تعالى ، لان جميع الاوامر والنواهي الالهية يراد بها خير الانسان وسعادته في الدنيا والآخرة. 
 
وآدم وحواء وان لم يذنبا ولم يرتكبا معصية ، ولكن نفس هذا الترك للاولى انزلهما من مقامهما الرفيع ، وان توبتهما الخالصة وان قبلت من جانب الله تعالى ، ولكنهما لم يستطيعا التخلص من الاثر الوضعي والنتيجة الطبيعية لعملهما .. 
فقد امرا بمغادرة الجنة ، وشمل هذا الأمر الشيطان ايضا : "قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ".
فهبط آدم وحواء الى الارض وحدث ما حدث والى يومنا هذا وسوف يضل ابناء آدم يتصارعون مع ابليس وجنده الى ان تقوم الساعة ، والغلبة للذين آمنوا بالله وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. 
ويستفاد من آيات القرآن ومن قصة آدم وحواء ، ان آدم خلق للعيش على هذه الارض التي خلقها تعالى ، ولكن الله شاء ان يسكنه الجنة قبل ذلك ، ولعل مرحلة مكوث آدم في الجنة كانت مرحلة تحضيرية من اجل تأهيل آدم لتحمل مسؤوليات المستقبل والصعوبات الحياتية ومشاكلها التي سيواجهها وذريته في المستقبل. 
 
وكذلك اراد الله تعالى ان يعطي درسا لابناء آدم بامكان العودة والتوبة الى الله بعد المعصية ، وان ابواب التوبة مفتوح ولا تسد الى الابد والى آخر لحظة من حياة الانسان ، بشرط ان يسارع للتوبة ويعاهد الله ان لا يعود لمثلها ، وعند ذلك يعود الى النعم الالهية والسعادة الابدية. 
 
* من كتاب حكم ومواعظ من حياة الانبياء عليهم السلام – السيد مرتضى الميلاني- ج 2

يا فاطمة، أما ترضيني أن تكوني سيدة نساء المؤمنين،أو سيدة نساء هذه الأمّة’(الرسول الأكرم)
يقول تعالى: ﴿... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
الإمام الباقر عليه السَّلام: ’ لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان ’.
عن النبي صلى الله عليه وآله: ’التوبة حسنة لكنها في الشباب أحسن’

من نحن

موقع ديني ثقافي وفكري يعنى بقضايا المرأة والاسرة والمجتمع

تواصل معنا

يسرّنا تواصلكم معنا عبر الايميل alzaakiyaa@gmail.com