الكتاب أمرٌ غاية في الأهميّة. بالطبع، إنّني أؤمن كثيراً بالأعمال الفنّية، التصويرية، والتلفزيونية، والسينما، وما شاكل, إلّا أنّ للكتاب دوراً خاصاً، فلا شيء يحلّ محلّ الكتاب. وينبغي الترويج له. ينبغي للناس أن يعتادوا على المطالعة وأن يدخل الكتاب حياتهم. منذ مدّة وجيزة، شاهدت مراسل التلفزيون يجري مقابلة مع بعض الشباب ويسأل: أيّها السادة! هل تطالعون؟ فأجابوا: كلا، فهم من الأساس لم يعتبروا الكتاب من ضروريات الحياة! الطريق المختصر إذا كنّا نريد شعباً متقدّماً، ومثقّفاً، ومتعلّماً، ويطوي الطرق المختصرة لعبور كلّ أنواع التخلّف، وادّعينا أنّ هذا الشعب لديه هذه القابليّة من حيث الطاقة الإنسانية، وهو صحيح أيضاً، فلا مناص من أن تتضاعف الدراسات والأبحاث والثقافة العامّة والمعلومات الخاصّة بالشرائح النخبوية في المجالات الّتي تكون مورد ابتلاء وحاجة لهم، عمّا هي عليه الآن .
في صغري كنت كثير التجوال في الكتب. فقد كان لوالدي مكتبة كبيرة، وكنت أستفيد من كثير من كتبها. بالطبع، كان لديّ كتبي الخاصّة، وكنت أيضاً أستأجر بعضها. كان بجانب منزلنا مكتبة صغيرة تؤجّر الكتب. وعادة ما كنت أستأجر منها الروايات الّتي كنت أقرأها.
كما كنت أتردّد إلى مكتبة العتبة الرضوية المشرّفة في مشهد. فقد كانت مكتبة جيّدة جدّاً. في المرحلة الأولى من دراستي للعلوم الإسلامية، أي في سنيّ الخامسة عشر والسادسة عشر، كنت أذهب إلى هناك. أحياناً كنت أذهب نهاراً، وأنشغل بالمطالعة. كان الأذان يُبثّ عبر مكبّر الصوت, لكنّني لشدّة استغراقي في المطالعة لم أكن أسمع صوت الأذان! كانت مكبّرات الصوت قريبة جدّاً، وصوت الأذان مرتفع جدّاً في قاعة المطالعة، لكن كنت حين يحلّ وقت الظهر، لا ألتفت لذلك إلاّ بعد مدّة!
وفي مرحلة الشباب، كنت كثير المطالعة. فإلى جانب الكتب الدراسية الّتي كنت أطالعها وأدرسها، كنت أقرأ كتب التاريخ، والأدب، والشعر، وكذا الكتب القصصية والروائية. أحببت الكتب الروائية كثيراً، وقرأت الكثير من الروايات المشهورة في تلك الفترة. كذلك كنت أقرأ الشعر. ففي أيّام حداثتي وشبابي، كان لديّ اطّلاع على الكثير من الدواوين الشعرية.
أحبّبت كتب التاريخ، وحيث كنت أدرس اللغة العربية قد خبُرتها جيّداً، فقد أحببت الأحاديث (الشريفة). أذكر الآن أحاديث، كنت قد قرأتها ودوّنتها في مرحلة الحداثة. وأحتفظت بدفترٍ صغيرٍ أدوّن فيه الأحاديث. فالأحاديث الّتي بحثت حولها البارحة أو في هذا الأسبوع، لا تبقى في ذاكرتي, إلا إذا سجّلتها, أمّا تلك الّتي قرأتها في تلك الأيّام ومرحلة الشباب، فإنّني أذكرها تماماً.
عليكم أن تدركوا قيمة مرحلة الحداثة والشباب. فما تطالعونه اليوم يبقى لكم، ولا يُمحى من أذهانكم أبداً. فمرحلة الصِّبا هذه، هي مرحلة جيّدة جدّاً للمطالعة والتعلّم، إنّها بالفعل مرحلة ذهبية لا تُقارن بأيّ مرحلة أخرى. ..
أرى بعض شبابنا لا يخصّصون لأنفسهم وقتاً يمكنهم فيه القيام ببعض المطالعات الجانبية. والحقيقة أنّه يمكن للشابّ، أن يدرس دروسه، ويطالع، ويمارس الرياضة أيضاً .
الهوامش :
1 في لقاء له بجمع من الشباب والناشئة والقيّمين على برنامج "نيمرخ" ملامح- التلفزيوني، 3/2/1998م.
2 في حوار له مع مراسل الإذاعة والتلفزيون بعد تفقّده لمعرض طهران الدولي السادس للكتاب، 16/5/1993م
3 في لقاء له بالقيّمين على إحياء أسبوع الكتاب، 10/11/1997م.
4 في لقاء له بجمع من الشباب والناشئة والقيّمين على برنامج "نيمرخ" ملامح-التلفزيوني، 3/2/1998م.
المصدر:
من كتاب "انا والكتاب "لسماحة القائد السيد على الخامنئي (دام ظله) - بتصرف