يمكن الحديث عن النساء في ثورة عاشوراء في محورين، أحدهما: عددهنّ وأسماؤهنّ، والآخر يتعلّق بدورهنّ.
والنساء اللواتي شهدن عاشوراء كان بعضهن من بنات علي (ع)، والبعض الآخر من غيرهن سواء من بني هاشم أم من سائر الناس. وبنات علي (ع) اللاتي شهدن عاشوراء هن: زينب، أم كلثوم، فاطمة، صفية، رقية، وأمّ هانئ.
وبنات الحسين هن: فاطمة وسكينة. والنساء اللاتي شهدن كربلاء هن: الرباب، عاتكة، أمّ محسن بن الحسن، بنت مسلم بن عقيل، فضّة النوبية، وجارية الإمام الحسين (ع)، وأمّ وهب بن عبد الله. خرجت خمس نساء من مخيم الحسين إلى العدو، وهن: جارية مسلم بن عوسجة، وأمّ وهب زوجة عبد الله الكلبي، وأمّ عبد الله الكلبي، وزينب الكبرى.
المرأة التي استشهدت في عاشوراء
هي أم وهب، وهي امرأة نميرية قاسطية، زوجة عبد الله بن عمير الكلبي، لما سقط مشت إليه وجلست عند رأسه وطلبت من الله الشهادة، فقتلها هناك مولى الشمر بعمود ضربها على رأسها.
قاتلت امرأتان يوم عاشوراء من فرط الانفعال، دفاعاً عن الحسين وهما: أمّ عبد الله بن عمر، التي أخذت عمود الخيمة بعد مقتل ولدها وسارت إلى الأعداء فأعادها الإمام إلى الخيمة، والأخرى هي: أمّ عمرو بن جنادة التي أخذت رأس ولدها بعد مقتله وقتلت به رجلاً من القوم. ثم أخذت سيفاً وارتجزت وهجمت على الأعداء إلاّ أن الإمام أعادها إلى الخيام.
و انضمّت لهم بنت عمر(زوجة زهير بن القين) إلى قافلة الحسين برفقة زوجها، وهي التي شجّعت زوجها على الالتحاق بالحسين. و شهدت كربلاء أيضاً الرباب بنت امرئ القيس الكلبي، زوجة الحسين، وهي أمّ سكينة وعبد الله. وكانت هناك أيضاً امرأة من قبيلة بكر بن وائل، وكانت في بداية أمرها مع زوجها في جيش عمر بن سعد، لكنها لما رأت هجوم جيش الكوفة على خيام العيال حملت سيفاً وجاءت إلى الخيام وندبت آل بكر بن وائل لنصرتها.
كان ضمن سبايا أهل البيت زينب الكبرى وأمّ كلثوم بنات أمير المؤمنين، وفاطمة بنت الحسين، وألقت كلّ واحدة منهن خطبة بالكوفة.
. وكان مجموع هذه النساء إضافة إلى الأطفال يؤلف قافلة سبايا أهل البيت، الذين فرّوا بعد مقتل الحسين وهجوم الأعداء على الخيام، ثم قبض عليهم وسيقوا في قافلة السبايا إلى الكوفة ومنها إلى الشام.
دور النساء في معركة الطف
يمكن التركيز على محور "إيصال النداء" في موضوع حضور النساء في معركة الطف:
1-مشاركة النساء في الجهاد، إذ تجلّت من خلال وجود النساء في المعركة مشاركتهن للرجال في الأبعاد المختلفة لتلك المعركة. - موقف طوعة في مناصرة مسلم بن عقيل بالكوفة، - مرافقة النساء لأزواجهن من شهداء كربلاء، - استنكار بعض الزوجات على أعمال أزواجهن في جيش عمر بن سعد مثل زوجة خولي.
2-الصبر، كان صمود النساء وتحملهن لمواقف الاستشهاد درساً بليغاً يأخذه الإنسان من نهضة عاشوراء، وقد تجلّى ذلك الصبر والثبات في مواقف زينب (ع).
3-إيصال النداء، كان لخطب وأقوال النساء والفتيات في قافلة كربلاء، سواء في أثناء السبي أم عند العودة إلى المدينة، دور في حراسة دماء الشهداء، وكانت كلمات تلك النسوة على هيئة الخطبة، أو على هيئة الأحاديث المتفرقة حسب ما يقتضيه الموقف.
4-رفد المعنويات، يؤدي حضور النساء في المعارك إلى رفد المقاتلين بالمعنويات، وفي كربلاء كان لوجود بعض الأمهات والزوجات مثل هذا الدور.
5-التمريض، ومن المهام الأخرى للمرأة في عموم الجبهات ومنها جبهة عاشوراء، هو معالجة المرضى وتضميد الجرحى، ومن أمثلة ذلك تمريض زينب الكبرى للإمام السجاد ورعايتها له.
6-الإدارة. تؤدي المواقف الحرجة والعصيبة إلى إبراز ما لدى الأفراد من استعدادات كامنة. فدور العقيلة زينب في الواقعة، ورعايتها لقافلة السبايا بعد الواقعة، يتعلّم منها المرء مهمّة "الإدارة في الأزمات"؛ فقد وجهت المجموعة المتبقية من أهل البيت باتجاه أهداف النهضة، وجابهت كل سعي من العدو لإفشال نتائج الثورة، بل وأفشلت هي خطط العدو.
7-الحفاظ على القيم. الدرس الآخر الذي يتعلمه المرء من بطلات كربلاء هو صيانة القيم الدينية واستنكار هتك حرمة بنات الرسالة والتمسك بالحجاب والعفاف مقابل القلوب المريضة.
ومع أن بنات الرسالة أخذن سبايا وقد نهبت ثيابهن وخيامهن وأصبحن عرضة لأنظار المتفرّجين ولكنهن استنكرن ذلك الوضع وكنَّ يحرصن على الحجاب والعفّة.
فأمّ كلثوم صاحت بمن اجتمع للتفرّج عليهم بالكوفة: تبّاً لكم كيف تحملكم الغيرة على التفرّج على أهل البيت؟ وحين حبسوهم في دار بالكوفة لم تأذن زينب سوى للجواري بمشاهدتهن، وفي قصر يزيد استنكرت عليه عمله قائلة: "أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإمائك وسوقك بنات رسول الله سبايا قد هتكت ستورهن وأبديت وحوههن يحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد ويستشرفن أهل المناهل والمعاقل ويتصفح وجوهن القريب والبعيد والغائب والشهيد . . ."(عوالم الإمام الحسين: 403). وهناك أمثلة أخرى للأحاديث والمواقف الطافحة بدروس العفّة والدفاع عن القيم.
8-تغيير حالة السبي، إذ قامت تلك النسوة بتحويل ماهية السبي إلى حرية يتعلم منها الأسرى الحقيقيون درس الصمود والحرية.
9-تعميق البُعد العاطفي والمأساوي لواقعة كربلاء، لقد كان البكاء والعويل والنياح على الشهداء سبباً لإثارة عواطف الناس وإضفاء بُعد مأساوي على الواقعة مما أدى إلى الإسهام في تخليدها وتعميق أثرها.
المصدر: موسوعة عاشوراء، للشيخ جواد محدثي.