وهذه النظرة تستلزم أن يبرز دورها حيث يستلزم الأمر ذلك، فتكون مهيّأة ومعبّأة لتقوم بدورها المناسب في التوقيت والزمان المناسبين، والمثالان المعبِّران على هذا الطرح وهذه الرؤيا ما حصل مع السيدة الزهراء(ع) والسيدة زينب(ع)
كنّا نقرأ في السيرة بأن السيدة الزهراء كانت تعلّم النساء، وتُسأل في المسائل الشرعية فتجيب، ولم نتعرّف على السيدة الزهراء(ع) كصاحبة موقف سياسي بارز إلا بعد وفاة الرسول(ص)، عندما استلزم الأمر أن تقف في المسجد بين المسلمين لتخطب خطبتها المشهورة وتُعبّر عن الحق والموقف الإسلامي وموقفها من التطورات، فلم نر السيدة الزهراء(ع) بارزة في مثل هذا اشلموقف قبل وفاة الرسول(ص)، بل كانت تؤدي دورها وتكليفها في مواقع التعبئة والتربية والتوجيه، وعند بروزها في هذا الموقف، لم يكن بالإمكان أن يقوم أحد مقامها، وبالتالي إن لم تقف هي فسيخسر الإسلام موقفاً سياسياً في هذه المحطة وفي هذا المنعطف.
أمّا السيدة زينب(ع)، فيكاد يكون تاريخها عادياً في الإطلالة المجتمعية العامة، فهي منصرفة لشؤونها المنزلية والتربوية وما تقوم به في ساحة عملها الإسلامي مع النساء،
لكن عندما انطلقت مسيرة الحسين(ع) وبرزت كربلاء، وجدنا دورها قد برز في كربلاء وما بعد كربلاء بشكل مباشر، كإنسانة تعبّئ، وتطرح الأفكار بين الناس، وتبرز أهداف ونتائج كربلاء، وتفضح الخصوم وتناقشهم وتتحداهم بجرأة كما حصل مع يزيد وابن زياد، ما يدل على المطلوب من المرأة في أن تُحسن اختيار اللحظة المناسبة للقيام بالدور الذي لا يمكن أن يقوم به أحد غيرها، وليس المطلوب أن تكون دائماً في الموقع نفسه، لاعتبارات لها علاقة بظروفها من ناحية، وباحتياجات الساحة من ناحية أخرى، فلا نريد أن نفتعل موقفاً أو حضوراً للمرأة في أي موقع كيفما كان، نريدها أن تكون في الموقع الذي يستلزم أن تكون فيه، وتستطيع أن تعطي فيه ما لا يستطيع أحد أن يعطي فيه غيرها، ولنا في تربية وأداء السيدة الزهراء(ع) والسيدة زينب(ع) أسوة حسنة.
* المصدر : كتاب مجتمع المقاومة ارادة الشهادة وصناعة الانتصار- الشيخ نعيم قاسم
http://alzakiya.com/article.php?id=5152&cid=1163