إن أساس الدين هو الإيمان بوجود اله خالق للكون، لذا لا بد للإنسان من أن يتعرف على خالقه وربه ويعتقد به، وقد سهّل الله سبحانه وتعالى معرفته من خلال طرق عديدة وهذا من رحمته ولطفه بعباده، والإنسان الذي لم يلوّث ذهنه بالشبهات والوساوس يمكنه التعرف على الله تعالى من خلال طرق بسيطة جداً، فما هي هذه الطرق؟ ,وعن أمير المؤمنين: (أوّل الدّين معرفته، وكمال معرفته التّصديق به.
1 - طرق المعرفة:
الطريق الأول: الحس, وأهم الحواس هما حاستا السمع والبصر.
الطريق الثاني: الـعـقـل الـذي يـكتشف الحقيقة في مجال محدود وخاص, منطلقا في ذلك من أصول ومبادئ خاصة. والى هذين الطريقين تشير الآية الكريمة: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾.
2 - الطريق الثالث: الوحي الذي هو وسيلة لارتباط ثلة ممتازة ومميزة من البشر بعالم الغيب, وابرز نموذج لهذا النمط من الناس هم رسل اللّه وأنبياؤه الكرام. والى هذا الطريق تشير الآية الكريمة: ﴿وما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إلاَّ رِجالاً نوحِي إليْهِم فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِكْرِ إنْ كُنْتُم لا تَعْلَمون﴾ (3.) وفـي إمكان البشرية جميعا أن يستفيدوا من الطريقين الأولين في معرفة الكون وفي فهم الشريعة .
الطريق الثالث :خاص بمن شملته العناية الإلهية وهم الرسل والأنبياء "ع" .
1- الطّريق الأوّل: التأمـّل في الآفاق إذا تأمّلت فيما يحيط بك من مخلوقات صغيرة وكبيرة، من شمس وكواكب ونجوم وليل ونهار وسحاب ومطر، فإنّك سوف تجد أنّها قد نُظّمت بشكل دقيق للغاية. بحيث لا تستطيع إلا أنّ تعتقد بوجود قوّة عالمة قادرة قاهرة قامت بفعل ذلك كلّه. وهذا هو الله عزّ وجلّ. وقد وردت آية في كتاب الله عزّ وجلّ تفصل هذا الطريق وتشرحه لنا: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ 4
2- الطريق الثَّاني: التأمـّل في الأنفس لو نظر الإنسان إلى نفسه، فإنّه سوف يدرك تماماً أنّه لا بدّ له من خالق أوجده، لأنّه يعلم يقيناً أنّه لم يكن موجوداً ثمّ وجد فهو:
أ ـ إمّا أن يكون قد وجد من دون علّة ودون سبب، وهذا أمر لا يصدّقه عاقل.
ب ـ أن يكون هو الذي أوجد نفسه، فهذا يعني أنّه لا بدّ وأن يكون موجوداً قبل أن يوجد لكي يخلِق نفسه، وهو مستحيل.
ج ـ أن يكون مخلوقاً لخالقٍ أعظم منه منزّه عن كلّ صفات المخلوقين، حيّ، عليم، قدير، وهو الله عزّ وجلّ، وهو الاحتمال الصحيح. ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُون﴾ (5 ) و قد ارشد إلى هذه الحقيقة ودل عليها أمير المؤمنين"ع" حينما سئل عن إثبات الصانع فقال"ع" :( البعرة تدل على البعير، والروثة تدل على الحمير، وآثار القدم تدل على المسير ، فهيكل علوي بهذه اللطافة ومركز سفلي بهذه الكثافة كيف لا يدلان على اللطيف الخبير؟(6)
الهوامش:
1- نهج البلاغة-ج1-ص14
2 -سورة فصلت – آية 53
3 - سورة الأنبياء – آية 7
4سورة البقرة - آية164
5-سورة الطور- الآيات: 35-36
6-لعلامة المجلسي -بحار الأنوار -ج3-ص55
المصدر:معارف الإسلام جمعية المعارف الاسلامية