لقاء مع المستشار الثقافي للجمهورية الاسلامية في لبنان بذكرى إنتصار الثورة الاسلامية

لقاء مع المستشار الثقافي   للجمهورية الاسلامية  في لبنان بذكرى إنتصار الثورة الاسلامية

رسالة الامام بجملة واحدة، وهي أننا قادرون على التغيير وعلى تحقيق الأهداف، هذه الجملة تنسحب على انجازات الامام

9 كانون الثاني عام 1978 كانت إنطلاقة الثورة في قم، وفي 18 شباط من نفس العام حصلت المظاهرات في تبريز، لفتتني المظاهرات وانضممت للثورة، وبعدها شاركت بالتحركات والمظاهرات وعمري حينها لا يتجاوز18 سنة.

في 11 شباط من العام 1979 عملت  في عداد لجنة إستقبال الامام الخميني، كما شاركت بكتابة اليافطات التي علقت حينها على الجدران وفي الشوارع، وساهمت بالتنظيم لحفظ النظام في جنة الزهراء، وعند خطاب الامام كنت موجوداً على بعد أمتار قليلة منه.

في ذكرى إنتصار الثورة  عام 1979 كان عمري وقتها 19 سنة، وأول تعيين لي أتى  بعد سبعة أيام من الإنتصار، حيث عيّنت من قبل مجلس قيادة الثورة في الجامعة التي أدرس بها.

هذا  أول منصب لي، بعدها عملت في وزارة الخارجية وفي مجلس الشورى الاسلامي و كان عمري 20 عاما، كتبت في حينها الكثير   من البيانات والخطابات للمسؤلين في البلد، وآخر بيان كتبته كان للشهيد رجائي قبل إستشهاده، في مؤتمر لوكالات أنباء دول عدم الانحياز، فكلفوني بكتابة بيان رئيس الجمهورية الشهيد رجائي، وفي  اليوم التالي أستشهد، ثم تلي البيان بعد استشهاده.

دور الشباب كان أساسي، حيث أن متوسط العمر في التشكيلة الحكومية الأولى كان 27 سنة.

بهذه الكلمات إستهل المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الايرانية الدكتور محمد مهدي شريعتمداري كلامه مع موقع الزكية الإلكتروني.

 

  شكل الإمام الخميني نقطة فارقة في لحظة مفصلية، ففي ظل الصراع بين القطبين الرأسمالي والإشتراكي، وتسيّد الثقافة المادية وتنازعها في محاولة السيطرة على العالم، وفي ظل إنكفاء الدين عن الحياة العامة وإتساع الطرح العلماني المعزز بالإنجازات العلمية والتقنية، خرج عالم دين متوكلا على ربه رافعاً شعارات غير مألوفة في ذلك الوقت ليحدث زلزالاً مفاهيمياً ما زالت تداعيته لغاية اليوم، حيث أعاد الإسلام إلى الحياة السياسية والإجتماعية وأخرج الدين من دائرته الفردية، وصولاً لطرح نظرية سياسية على مستوى الحكم والدولة.

إن ثورة الإمام الخميني المفاهيمية هي أكثر قوة وأعمق تأثيراً من ثورته على الشاه، إنه بحق المجدد والمحيي، داعياً البشرية للتوحيد والعودة إلى الجذر الديني، الدين الذي إعتبره الإمام الخميني أمراً فطرياً يتسق مع الوجود في حركة التسبيح والعبودية للواحد الأحد.

ويقول الامام الخامنئي في هذا الصدد إن شخصية الامام العظيمة لا يمكن مقارنتها بعد الانبياء والاولياء والمعصومين باية شخصية ،فهو وديعة الله بيننا وحجة الله علينا ومظهر من مظاهر عظمته.

- بداية وفي هذا السياق بماذا تحدثونا عن شخص إلامام مفجر الثورة الاسلامية ومحيي الدين المحمدي الأصيل؟

برأيي يمكن أن أختزل رسالة الامام بجملة واحدة، وهي أننا قادرون على التغيير وعلى تحقيق الأهداف، هذه الجملة تنسحب على انجازات الامام، 1400 سنة كنا نحلم بتحقيق حكم اسلامي حلم الانبياء. لطالما أصيبت الحركات الإسلامية الشيعية منها والسنية بشيء من الخيبة واليأس نظراً للإخفاقات والتحديات التي مرت بها،جاء الامام ليعيد الثقة والاعتماد على الذات وامكانية التغيير و تحقيق الاهداف.

كذلك في قضية فلسطين بعد النكبة والنكسة والهزائم بين العرب والكيان الإسرائيلي، وبعد أفول الحركة القومية وحركة اليسار، أعاد الإمام الخميني قضية فلسطين الى الساحة من جديد، موضوع الوحدة ومختلف الأفكار والمبادىء التي طرحها الامام حتى الحكومة الاسلامية كانت على أساس ولاية الفقيه، لم تكن نظرية جديدة، لكن وبعد مئات السنين من الحكم الاموي والعباسي والعثماني ، وتسلط وعاظ السلاطين على الحركات الفكرية، حتى لدى الشيعة أنفسهم، وصل الأمر الى وجود أفكار تقول بعدم القدرة لوجود حكم اسلامي مع غياب الامام المعصوم.

لكن الإمام أحيا نظرية ولاية الفقيه وأعادها الى الساحة، ومن بعده نجد الامام الخامنئي أبرز مصداق على جدارة هذه النظرية رغم الصعوبات والضغوط ات التي يواجهها من من قبل العالم أجمع . لذلك نختصر الدور الذي لعبه الامام بكلمة او جملة انننا قادرون على التغيير، والإمام الخميني رائد هذا الشعار نظرياً وعملياً.

إنني أعتبر أن جيلنا قد يكون أكثر الأجيال سعادة وبهجة على مدى التاريخ الاسلامي( باستثناء البعثة النبوية ) لأننا عشنا في عصر الامام الخميني وشهدناه وعايشناه.

-بين ايران الثورة وايران الدولة هل مازال الخط البياني للجمهورية الاسلامية في حال تصاعدي؟

عندي جملة دائما اذكرها اذا كان الخميني مؤسس لهذه الثورة فإن القائد الخامنئي هو الممأسس لهذه الجمهورية. وهذا لا يعني أبداً التقليل من دور الإمام الخميني، فالامام أسس مجموعة من المؤسسات الثورية الرديفة للمؤسسات التقليدية في البلد لتواكب مسيرة الثورة، لان المؤسسات التقليدية ربما تكون بطريقة عملها لا تتلائم مع نظام الثورة .

فالإمام رغم تأسيسه ورغم وضعه اللبنات الأساسية لكل أجهزة الدولة إلا أن الظروف والحرب التي فرضت على إيران لم تسمح له التفرغ لعمليات البناء والتخطيط الاستراتيجي وإنشاء مراكز الابحاث والدراسات التي تقيّم العمل وتخطط للمستقبل وتضع خطط استشرافية للدولة وللعالم الاسلامي وصولاً لبناء الحضارة الاسلامية التي يطرحها الامام الخامنئي.

اذاً حينما نتحدث عن مأسسة الجمهورية هذا ما نقصده . الثورة الاسلامية والجمهورية والنظام الذي يعتمد نظرية ولاية الفقيه أثبتت جدارتها ونجاحاتها من خلال الاداء الذي حققه، وبشكل خاص مع الإمام الخامنئي حيث حافظ على بقاء وديمومة وإستمرارية هذه الثورة، والثبات بوجه التحديات والمؤمرات، وإنتشار هذا الفكر المحمدي الأصيل، الفكر المقاوم، حيث نتحدث اليوم عن جبهة مقاومة عن محور في المنطقة فرض واقعاً جديداً على منطقتنا، فالثورة كان لها دور في تغير المعادلات والموازين والقوى، لكنها في عصر الإمام الخامنئي استطاعت أن تجعل من هذا التغير واقعاً ملموساً لا يمكن التغاضي عنه واستثنائه في المنطقة والعدو يحسب له الف حساب.

-تحدثتم عن مستقبل النظام الاسلامي في الجمهورية، برأيكم كيف ترون هذا المستقبل في ظل التهديدات الخارجية والداخلية للجمهورية الاسلامية؟

أولاً،  الجمهورية الإسلامية التي استطاعت أن تتجاوز الكثير من المراحل الصعبة والحرب المفروضة من قبل النظام الصدامي والمؤمرات ومحاولات الانقلاب العسكرية بإيعاز وبدعم وتخطيط من قبل الادارة الامريكية، من المؤكد أنها قادرة ان تصمد أمام المؤمرات الجديدة وإن كانت أكثر تعقيداً، ومجموع الملفات أكثر تشعباً، والمواجهات أصعب، خاصةً وأن إيران أسست لقوة علمية متطورة وقوة ردع عسكرية بأنظمتها الصاروخية وغير الصاروخية، مما يجعل الطرف الآخر يتهيب المواجهة .

في أواخر عهد بوش الإبن تحدث عن حملة عسكرية ضد ايران ولكن لم يستطع فعل شيء، وحتى في خطاب ترامب نلاحظ التراجع الملحوظ. فايران ومحور المقاومة أثبتوا وعلى مدى 39 سنة انهم قادرون على المواجهة والصمود والثبات دون التخلي عن أي من شعارات ومبادئ الثورة .

-ما مدى تأثير الهجمة الثقافية التي تشن على إيران؟

لا شك أن للعدوان الثقافي الخارجي والامريكي تحديدا أثراً على بعض فئات الشعب الايراني، لكن هذا التأثير لا يشكل تهديداً لنظام الجمهورية، فالناتو الثقافي الى جانب الناتو العسكري يسيران معا بهدف زعزعة وتقويض نظام الجمهورية.

غير ان ايران دولة المؤسسات سواء على صعيد الحكم والحوزة العلمية والمجتمع ،تمتاز بالمناعة والقدرة الكبيرتين لمواجهة هذه التهديدات والخروج منها بعزة واقتدار

-على صعيد الثورة، هل لا زالت شعارتها موجودة وبقوة في الشارع الايراني واين هي من الشارع العربي والاسلامي؟

بدون شك إن الثورة وشعارتها موجودة وبقوة في الشارع الايراني، وهناك حالات من تنامي إيماني بهذه الشعارات لدى الشعب الايراني وبخاصة الشباب، وموقع الجمهورية في المنطقة اقوى عما كان عليه في بداية الثورة .

ولا شك ان ايران في ظل ازدياد عدد السكان من جهة والتهديدات الخارجية من جهة أخرى، تشهد كأي دولة حالات تراجع وحالات تقدم وهذا ما عبر الاما م الخامنئي بوجود حالات تخلف وحالات تقدم

-على هذا الصعيد هل قوى المقاومة والقوى الفاعلة في الدول العربية والاسلامية حاضرة وفاعلة وتجدون أن مفاهيم الثورة موجودة  ،ويعبرون عنكم؟ وليس كإستنساخ بل نتكلم عن نهج ومسار؟

  أرى أن تجربة الجمهورية الاسلامية موجودة، صحيح أنها لم تنقل بشكل كامل وبنفس التفاصيل والجزئيات، فعلى صعيد إنتاج الأدبيات المرتبطة بالثورة في المبادىء والكليات هناك الكثير الذي نقل، ولكن في التفاصيل كما هو الحال في الحكم والقضاء والحريات وفي حقوق الإنسان والمؤسسات الدستورية والقانونية وفي إدارة المجتمع وإدارة الأزمات هناك تجربة جيدة ولكنها لم تنقل.

النقطة الثانية، بالتأكيد هذه التجربة يجب ان تتأقلم مع الواقع الموجود في المنطقة، أنا لست مع الاستنساخ بل مع الموائمة.

النقطة الثالثة، إن أي تجربة ليست بمنأى عن النقد وإعادة التصويب، وسماحة القائد هو أول من تحدث عن النقد الذاتي في الجمهورية، وستبقى إيران مركز الاشعاع العلمي والفكري والإدارة الاستراتيجية والقيادة لهذه العملية، دون أن يعني ذلك حصر هذه التجربة في حدود الجمهورية الإسلامية، بل أي فكرة أو مفهوم يزداد عمقاً وإتساعاً من خلال تفاعله مع الفضاءات المتنوعة.

-من ابداع الامام الخميني انه أسّس التعبئة والحرس وبعض المؤسسات ما الهدف من إنشائها؟ اليس هناك من تعارض ما بين عملها وبين عمل المؤسسات التقليدية؟

أولاً، إن التغيير لا يمكن أن يكون فقط في رأس النظام بل يجب أن يسري على كامل الجسم والبرمجيات بمعنى التعقل والنظم.

ثانياً من الطبيعي ان تشعر كل ثورة وقادتها بأن أخطاراً قد تكون محدقة ومتأتية من قبل المؤسسات التقليدية المتبقية من النظام السابق- لانها ترتبط بمصالح ذلك النظام وبأطراف دولية وإقليمية. فإذا اخذنا العراق كتجربة حية، نرى عدم قدرة المؤسسة العسكرية التقليدية على مواجهة الواقع الموجود، فإضطروا الى إنشاء الحشد الشعبي. حتى في التجربة السورية، فنلاحظ تأسيس اللجان الشعبية ولجان الدفاع. وأهم شاهد على ما نقول هو تجربة المقاومة في لبنان، فالمؤسسات التقليدية لم تكن على مستوى المواجهة بكل تعقيداتها، فجاءت المقاومة وأضافت إلى هذه المؤسسات قوة ودفعاً، هذه التشكيلات الرديفة عادةً ما تتحلى بمحفزات تفتقدها المؤسسات التقليدية، ومنها الجانب الايماني والتعبوي والروحي ولمعنوي والقيمي، لذلك تأسيس هذه التشكيلات كانت من أذكى الخطوات والمبادرات التي قام بها الإمام وتدل على نبوغه ونبوئته..الإمام حين أسسس هذه التشكيلات لم تكن هناك اي سابقة أخرى ما يدل على دقة نظره.

-لكن هل هذه المؤسسات تتعارض او تصطدم بالمؤسسات الدستورية؟ 

أولاً، تختلف مهام كل من المؤسسات، فالجيش له مهام والحرس كذلك، فضلاً عن باقي التشكيلات.

ثانياً، التنسيق الكامل بين المؤسستين على مستوى القيادات العليا والوسطى والدنيا، ففي فترة الحرب المفروضة على إيران كان يطلق شعار (الجيش والحرس قوتين الهيتن عسكريتين) والشهيد صياد شيرازي كان من كبار القادة العسكريين، ذكر في إحد خطاباته أن الجيش والحرس قوة عسكرية الهية واحدة وليس قوتين.

ثالثاً، الثورة كانت منتبهة لهذا الموضوع وحين انتفت الضرورة أدمجت بين القوى الرديفة والقوى التقليدية كما حصل في مؤسسة جهاد البناء التي ادمجت مع وزارة الزراعة فكانت وزارة الجهاد الزراعي، كذلك لجان الثورة ادمجت بقوى الشرطة وغيرها، لذلك لم تتورع الجمهورية عن الدمج بعد ان تنتفي الضرورات السابقة.

-لا بد من ذكر القضية الفلسطينة، فالإمام أول من حدد يوما للقدس واستبدل السفارة الاسرائيلية بالسفارة الفلسطينية ودعم وساند الفلسطينين بشتى الوسائل، أين نحن الان من القضية؟ وهل ضاعت فلسطين في أروقة الدول العربية؟ قلت سابقا بأني أشعر بأن جيلنا هو أسعد جيل على مر التاريخ، وهذا الجيل لم يبقى له سوى أمنية واحدة وهي تحرير فلسطين، والصلاة في فلسطين وفي المسجد الاقصى.

-هل هذه الامنية قابلة للتحقق قريبا ؟ رغم ان هناك تقاعصاً من قبل بعض الأنظمة العربية في هذا المجال لكن حركة المقاومة والانتفاضة قوية، ليس فقط بوجود جمهورها لكن حتى بوجود القوة الرادعة والمهاجمة للعدو الصهيوني، اليوم صار همّ العدو كيف يحمي كيانه، وبالرغم من الكلام عن المشاريع التي تتحدث عم نقل فلسطيني غزة الى سيناء وغيرها والضفة الغربية إلى الأردن وغيرها، نجد بمستوطنيه وقيادته يعيش أكثر من أي وقت مضى هاجس التهديد الوجودي، هل سيتم تحرير فلسطين ؟ بإذن الله نعم و تحرير فلسطين من النهر الى البحر كما عبر القائد ولا نقبل بأنصاف الحلول ولا نقبل بتبادل الأراضي ولا باوسلو جديد ولا بحل الدولتين وغيرها ..

كلمة أخيرة تحب أن توجهها؟

جيل الشباب مرشح لمواصلة هذه المسيرة، والأهم من ذلك مرشح لبناء الحضارة الاسلامية الحديثة كما ينادي به القائد، وهذا ليس كلاماً ترويجياً او بروتوكولياً بل يعبر عن حقيقة وعن واقع، عليه أن يتحمل هذه المسؤولية كما تحملها السابقون من اباءهم،

والمرأة تشكل نصف المجتمع وتبني وتربي النصف الأخر. اليوم لا ينبغي أن يكون التفكير ضمن إطار المؤسسات أو المدينة أو القرية أو الدولة، على تفكيرنا وتطلعنا ان يكون لتحقيق مستقبل افضل لأمتنا الاسلامية، ولبناء الحضارة الاسلامية الحديثة وهذا ليس محالاً، الثورة الاسلامية حققت المحالات حطمت مفهوم الامر المحا ، والثورة أثبتت باننا قادرون على التغيير وعلى تحقيق الأهداف، لذلك لا يحسبن أحداً بأن ما نقوله عن بناء الحضارة الاسلامية هو امر طوباوي أو غير قابل للتحقق، بل نحققه بإذن الله وتوفيقه بهمتنا.

المصدر: مقابلة مع موقع الزكية  بتاريخ 9-2-2018

يا فاطمة، أما ترضيني أن تكوني سيدة نساء المؤمنين،أو سيدة نساء هذه الأمّة’(الرسول الأكرم)
يقول تعالى: ﴿... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
الإمام الباقر عليه السَّلام: ’ لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان ’.
عن النبي صلى الله عليه وآله: ’التوبة حسنة لكنها في الشباب أحسن’

من نحن

موقع ديني ثقافي وفكري يعنى بقضايا المرأة والاسرة والمجتمع

تواصل معنا

يسرّنا تواصلكم معنا عبر الايميل alzaakiyaa@gmail.com