ولادة رسول الله "ص" بداية مرحلة حاسمة في مصير البشرية

ولادة رسول الله "ص" بداية مرحلة حاسمة في مصير البشرية

تشير الآية الكريمة: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (الفتح/18)..

اختلفت الآراء بشأن مسيرة البشرية:
ـ هل هي مسيرة تكاملية تصاعدية أم إنها تتجه نحو الانتكاس والارتكاس؟
ـ هل للإنسان دور في هذه المسيرة أم إن المتحكّم في المسيرة هو عوامل خارجة عن إرادة الإنسان؟
ـ و.. أسئلة كثيرة عن السنن وعن تفسير حوادث الكون.
وهذه الأسئلة لها أهميتها الفائقة لمن يفكّر في مصير أمته ومصير البشرية، ولذلك تناولها التغييريون والإحيائيون من وجهات نظر مختلفة.
الامام السيد علي الخامنئي في بعض أحاديثه رأى أن حديث القرآن الكريم عن الرسول الأعظم والحوادث التي رافقت ولادة النبي الكريم مؤشرات هامة للجهة التي تسير نحوها البشرية. يقول: 
" كانت هذه الولادة بداية مرحلة حاسمة في مصير البشرية. في آيات ولادته المباركة قيل إن شرفات قصر كسرى قد انهدمت، ونيران «آذرگشسب» بعد قرون من الاشتعال قد خمدت، وبحيرة ساوة التي كان ينظر إليها بعض الناس بعين التقديس قد جفّت، والأصنام التي كانت معلقة حول الكعبة قد سقطت. وهذه العلامات لها دلالات رمزية، تدلّ على اتجاه إرادة الله وسننه في إلباس خلعة الوجود لهذا الموجود العظيم والشخصية الفريدة الكبرى.


هذه الحوادث الرمزية تعني أن هذه الولادة المباركة يجب أن تكون نهاية إذلال الإنسان سواء على يد حاكمية الجبابرة والحكام المستبدين، كالذي كان قائماً آنئذ في إيران وروما، أو بسبب عبادة غير الله.
الإنسان يجب أن يتحرر على يد هذا المولود المبارك، يتحرر من الحكّام الظالمين المتحكّمين في رقاب المظلومين على مرّ التاريخ، ومن أغلال الخرافات والمعتقدات المنحرفة المذلّة التي تدفع بالإنسان إلى الخضوع والذلة والطاعة لموجودات هابطة أو لإنسان آخر".
ويرى السيد أن حديث القرآن عن رسالة خاتم الأنبياء (ص) بعبارة: «ليظهره على الدين كله» فيه إشارة إلى اتجاه حركة البشرية:
" إلى هذا تشير الآية الكريمة: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (الفتح/18).. وعبارة لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ لم تتقيد بزمان، فهي تشير إلى الجهة. البشر بهذه الحادثة يجب أن يتحرك في اتجاه الحرية المعنوية والاجتماعية الحقيقية والعقلانية. هذا عمل قد بدأ، واستمراره بيدنا نحن البشر. وهذه سنّة أخرى في عالم الخليقة".
إذن ولادة النبي الخاتم هي بداية حركة تكاملية صاعدة للبشرية تستمر حتى يرث الله الأرض ومَنْ عليها. غير أن هذه الحركة ليست تلقائية خارجة عن إرادة الإنسان، بل هي منبثقة من إرادة البشر.


إذا نهضوا بالواجب فان الحركة التكاملية تتصاعد وإن تهاونوا يقعوا في التيه وفي إطالة الطريق إلى الهدف المنشود. يقول:
" لو أن البشر صعّدوا من سعيهم وهمّتهم فسيصلون إلى الأهداف الإلهية المرسومة في المنهج الرباني أسرع. أما إذا لم يفعلوا ذلك ووهنوا على هذا الطريق فإنهم سوف يبقون فيه سنوات طويلة كتيه بني إسرائيل: أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ (المائدة/ 2).
بنو إسرائيل هم ألقوا بأنفسهم في التيه والضلال في الأرض. كان بإمكانهم أن يحولوا دون سقوطهم في تلك المحنة والمرارة، وكان بإمكانهم تقصير المدّة، كما كان بإمكانهم بسبب ضعفهم أن يطيلوا المدّة. مصيرنا أيضا كذلك، المسلمون أيضاً قد تبيّن لهم وتعيّن اتجاه خلق البشر، وفلسفة إعزام الرسل وإنزال الكتب السماوية. البشر أنفسهم هم القادرون على إطالة هذا الطريق او تقصيره. يستطيعون أن يصلوا هدفهم أسرع أو أبطأ".


فالسنن الإلهية تقضى بأن يكون البشر هم العامل في تسريع المسيرة أو إبطائها، ولكنهم غير قادرين على إيقاف المسيرة، لأنهم إذا تخلّوا عن مسؤولية المواصلة فيستولي ذلك غيرهم:
" في السنن الإلهية إرادة الإنسان هي صاحبة القرار. حين يدعو الإسلام إلى الجهاد: وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ (البقرة/218)
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ (الحج/ 78) فإنما يدعونا إلى بذل كل ما وسعنا من جهد للوصول أسرع إلى الهدف الإلهي. فالهدف الإلهي ثابت وقطعي. إن لم نعمل على تحقيقه فسيأتي آخرون ليعملوا به: مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ (المائدة/ 54). 
لقد جعل الله سبحانه هذا الطريق وهذا الهدف وهذا المصير من الأمور الحتمية القطعيّة، ولكنّ غير القطعي هو عبارة عن زمن الوصول، وهو الناس الذين سيحققون هذا الهدف الكبير. هذا يرتبط بإرادتي وإرادتك".
ويضرب سماحته مثالاً على ما نهض به الشعب الإيراني بقيادة الإمام الخميني (رض)، فنهوضه هو الذي حقق هدفاً كان من الممكن أن يتأخّر عشرات السنين أو ما كان بالإمكان أن يتحقق أصلا لولا ما أبداه من همّة: يقول: 
" الشعب الإيراني بقيادة الإمام الكبير استطاعوا بهمّتهم أن يقطعوا خطوة على الطريق وأن يرفعوا هنا راية الإسلام. راية الشريعة المحمدية صلى الله عليه وآله مرفوعة اليوم في هذا البلد. كان من الممكن أن لا يحدث ما حدث، أو أن يحدث بعد عشر سنوات أو مائة سنة.
غير أن الذي حقّق هذه المهمّة الكبرى في هذه الفترة الزمنية بالذات هو إرادة هذا الشعب وعزمه على التضحية وبذل الجهد. وهذه السنة جارية وسارية في كل مكان".

 

 *في حديث للامام الخامنئي بمناسبة المولد النبوي 30 أيار2002م

 

يا فاطمة، أما ترضيني أن تكوني سيدة نساء المؤمنين،أو سيدة نساء هذه الأمّة’(الرسول الأكرم)
يقول تعالى: ﴿... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
الإمام الباقر عليه السَّلام: ’ لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان ’.
عن النبي صلى الله عليه وآله: ’التوبة حسنة لكنها في الشباب أحسن’

من نحن

موقع ديني ثقافي وفكري يعنى بقضايا المرأة والاسرة والمجتمع

تواصل معنا

يسرّنا تواصلكم معنا عبر الايميل alzaakiyaa@gmail.com