الاِيـــثــــار

الاِيـــثــــار

’...وَيطعِمُونَ الطَّعام عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسيراً ..’

 إنّ الله  سبحانه وتعالى وصف الاِيثار في كتابه الكريم وهو من صفات الكرام حيث يقدِّمون الغير على أنفسهم، يقول سبحانه في وصف الاَنصار:(وَالّذِينَ تَبَوَّءُو الدّارَ وَالاِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّون َ مَنْ هاجَرَإِليْهِمْ وَلا يَجِدُونَ في صُدُورِهمْ حَاجةً مِمّا أُوتوا ويُوَثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْكانَ بِهِمْ خَصاصَة وَمَنْ يوقَ شُحَّ نَفْسهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون).(1)
  كما أنّه سبحانه أمر بالوفاء بالنذر، قال سبحانه: (ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نذر فَانَّ اللّهَ يعلمهُ (2)، 
وقال سبحانه: ثُمَّ لْيقضُوا تَفثهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورهُمْ (3)
  وفي الوقت نفسه ندب إلى الخوف من عذابه يقول سبحانه:(يَخافُونَ يَوماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوب وَالاََبْصار...).(4) 
وقال سبحانه: وَالّذِينَ يصلُونَ ما أَمَر اللّه بهِ أَنْ يُوصل وَيَخشونَ ربّهم ويخافُونَ سُوء الحِساب .(5)


ما ذكرنا من الصفات الثلاث هي من أبرز الصفات التي يتحلىّ بها أولياوَه سبحانه، ونجد هذه الصفات مجتمعة في أهل البيت (عليهم السلام) في سورة واحدة، يقول سبحانه:
  (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوماًكانَ شَرُّهُ مُسْتَطيراً xوَيطعِمُونَ الطَّعام عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسيراًx إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّه لا نُريدُ مِنْكُمْ جزاءً وَلا شكوراًx إِنَّا نَخاف مِنْ رَبِّنا يَوماً عَبُوساً قَمْطَريراً).(6)
  فقوله سبحانه :(ويُطْعِمُونَ الطَّعام عَلى حُبِّه) إشارة إلى إيثارهم الغير على أنفسهم، والضمير في (عَلى حُبِّهِ) يرجع إلى الطعام أي انّهم مع حبّهم للطعام قدَّموا المسكين على أنفسهم، كما أنّ قوله: (يُوفُونَ بِالنَّذْر...) إشارة إلى صلابتهم في طريق إقامة الفرائض.
  ثمّ قوله: (وَيَخافُونَ يَوماً) إشارة إلى خوفهم من عذابه سبحانه يوم القيامة.


  وقد نقل أكثر المفسرين لو لم نقل كلّهم، انّ الآيات نزلت في حقّ أهل البيت (عليهم السلام) . 
  روي عن ابن عباس (رض) انّ الحسن والحسين (عليهما السلام) مرضا فعادهما رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) في أُناس معه، فقالوا: يا أبا الحسن لونذرت على ولدك، فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما، إن شفاهما اللّه تعالى أن يصوموا ثلاثة أيام فشفيا وما معهم شيء، فاستقرض علي (عليه السلام) من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص  على عددهم ووضعوها بين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم سائل، فقال: السلام عليكم أهل بيت محمّد مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم اللّه من موائد الجنة، فآثروه وباتوا ولم يذوقوا إلاّالماء وأصبحوا صائمين.


  فلماّ أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم ووقف عليهم يتيم فآثروه، وجاءهم أسير في الثالثة، ففعلوا مثل ذلك فلما أصبحوا أخذ علي (عليه السلام) بيد الحسن والحسين (عليهما السلام) و دخلوا على الرسول ص فلماّ أبصرهم، وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع، قال: ما أشد ما يسوءني ما أرى بكم، وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة في محرابها قد التصق بطنها بظهرها وغارت عيناها فساءه ذلك.
  فنزل جبرئيل (عليه السلام و قال: )خذها يا محمّد هنّأك اللّهُ في أهل بيتك، فاقرأها السورة.(7)
  روى السيوطي في الدر المنثور، وقال: اخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: (ويُطعمون الطَّعام على حُبِّهِ) الآية، قال: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول اللّه «(صلى الله عليه وآله وسلم).(8)
  ورواه الثعلبي في تفسيره، وقال: نزلت في علي بن أبي طالب و فاطمة )عليهما السلام( وفي جاريتهما فضة، ثمّ ذكر القصة على النحو الذي سردناه لكن بصورة مبسطة.
  وقال: وذهب محمّد بن علي صاحب الغزالي على ما ذكره الثعلبي في كتابه المعروف بـ«البلغة» انّهم (عليهم السلام) نزلت عليهم مائدة من السماء فأكلوا منها سبعة أيّام، وحديث المائدة ونزولها عليهم في جواب ذلك مذكور في سائر الكتب.(9)
  وقد سرد سبب نزول هذه الآية في حقّ أهل البيت(عليهم السلام) غير واحد من أئمّة الحديث (10)


* المصدر : من كتاب أهل البيت سماتهم وحقوقهم للشيخ جعفر السبحاني 

  1 . الحشر:9.
  2 . البقرة: 270.
  3 . الحجّ: 29.
  4 . النور: 37.
  5 . الرعد: 21.
6  . الاِنسان: 7 ـ 10.
  7 . الكشاف: 3|297؛ تفسير الفخر الرازي: 30|244.
8 . الدر المنثور:8|371، تفسير سورة الاِنسان.
  9 . ابن البطريق: العمدة: 2|407ـ 410.
  10 . شواهد التنزيل للحافظ الحاكم الحسكاني:2|405 ـ 408؛ أُسد الغابة: 5|530؛ مناقب ابن المغازلي:272.

يا فاطمة، أما ترضيني أن تكوني سيدة نساء المؤمنين،أو سيدة نساء هذه الأمّة’(الرسول الأكرم)
يقول تعالى: ﴿... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
الإمام الباقر عليه السَّلام: ’ لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان ’.
عن النبي صلى الله عليه وآله: ’التوبة حسنة لكنها في الشباب أحسن’

من نحن

موقع ديني ثقافي وفكري يعنى بقضايا المرأة والاسرة والمجتمع

تواصل معنا

يسرّنا تواصلكم معنا عبر الايميل alzaakiyaa@gmail.com