النصر

النصر

وعد الله المؤمنين بالنصر

من أين نطلب النصر؟

1- أسباب النصر

- النصر من عند الله: هذه حقيقة قرآنية بارزة، لكل من يقرأ القرآن: إن النصر من عند الله، والله تعالى هو مصدر النصر، وهو من أوليات ثقافة القرآن. ولو أن الناس اجتمعوا جميعاً ليهزموا جيشاً أو فرداً، لا يريد الله هزيمته، لم يقدروا على ذلك، ولو أن الناس اجتمعوا كلهم، لينصروا من يريد الله تعالى هزيمته لم يقدروا على ذلك..(وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)1.

- والله ينصر الفئة القليلة الضعيفة على الفئة الكثيرة: لقد كانت بدر معركة فاصلة، وفرقاناً في التاريخ، وكان نصر الله للفئة القليلة واضحة في هذه المعركة لكل من ينظر فيتعقل ويدرك .

(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ)2. ولم يقتصر نصر الله تعالى للمؤمنين في بدر، فقد نصرهم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين. وقد نصر الله من قبل نوحاً (ع (وأنقذه من الكرب العظيم (وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ)3.

ونصر الله تعالى موسى (ع) على فرعون وجنده (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ * وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ)4.

- والله غالب على أمره إنّ الله غالب على أمره، فلا يُعْجِزُنَّ الله تعالى أحد من خلقه وعباده، فإذا أراد النصر لقوم نصرهم لا محالة، وإن اجتمع الناس لإبطال هذا النصر، وإن أراد الله تعالى بقوم هزيمة، هزمهم لا محالة، وإن اجتمع الناس على نصرهم، (وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ)5.

- وعد الله المؤمنين بالنصر وقد وعد الله المؤمنين بالنصر في قتالهم للمشركين وأئمة الكفر، وعداً قطعياً حتمياً، والله لا يخلف وعده. (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)6 .

وهذا هو الوعد الحق الذي وعد الله تعالى به عباده المؤمنين حقاً، وبعد هذا الوعد الإلهي الحق لا يدخل اليأس عن النصر قلب عبد مؤمن يثق بالله تعالى ووعده.

2- شروط النصر:

إن الله يهب النصر لمن يشاء، ويمنع النصر عمن يشاء، ولكن ضمن حساب ونظام وقانون ... وهذا الكون يقوم على أساس النظام والقانون. والله تعالى هو خالق هذا النظام والقانون. ولكل شيء في هذا الكون شروط وأسباب. فإن الرزق من عند الله، من دون شك، والله هو الرزاق المتين، وليس لغيره من عباده وخلقه شأن في الرزق . (إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)7.

ولكن الله تعالى جعل للرزق أسباباً ومفاتيح، أمر عباده ان يطلبوا رزقه من خلال هذه الأسباب والأبواب. (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ) 8.

وكذلك الأمر في النصر، فإن النصر من عند الله لا ريب في ذلك، ولكن الله تعالى جعل للنصر مفاتيح وأبواباً وأسباباً وأُمرنا أن نطلب النصر من خلالها. وليس معنى الإيمان والثقة بنصر الله إهمال الأسباب والشروط والإعداد الميداني لعوامل النصر.

- ومن أسباب النصر إعداد القوة للمعركة، والتخطيط لها (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ، وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ، تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ، وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ، لاَ تَعْلَمُونَهُمُ)9.

- ومن شروط النصر أن ينتصر المؤمنون لله تعالى، وينصرون الله، فإذا وجد الله منهم الصدق والجدّ في نصر دينه نصرهم. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)10.

 

- ومن أهم أسباب النصر: الصبر والصلاة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ)11.

ومن معاني الصبر: الصبر على الإعداد والتحضير الميداني، والنفسي، والسياسي، والتخطيط الإعلامي، والمالي، والعلمي، والتسليحي للمعركة. والعنصر الآخر من متطلبات المعركة (الصلاة)، إن الذكر والإقبال على الله، واللجوء إليه تعالى، والاستغاثة به، وطلب النصر منه، من أعظم متطلبات المعركة، وأبواب النصر.

- التمحيص في طريق النصر: فقد يمرّ النصر بطريق عسير، يثخن المؤمنين بالجروح... ولكن العاقبة تكون للمؤمنين، كما وعدهم الله، ولن يخلف الله وعده. ... إن الانتكاسة في ساحة القتال لا تنال من قوة المؤمنين... إن هذه الانتكاسة حلقة من حلقات المسير إلى النصر، وتمحيص للمؤمنين قبل النصر.

هذه طبيعة كل معركة، والإنسان اما أن يتجنب الصراع والقتال، ويتحمل الذل والهوان، أو يدخل في دائرة الصراع وقتال أئمة الشرك والظالمين، وإذا اختار الثاني فلابدّ ان يتحمل هذه القروح كما يتحملها اعداؤهم. (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)12.

إن هذا التداول في الأيام لابد منها ليتم فرز الصالحين عن غيرهم وفرز الأقوياء عن ضعفاء الإيمان، فلا يتم هذا الفرز في أيام العافية والرخاء، وإنما يتم في أيام العسر والشدة ... وهذا هو التمحيص الأفقي على سطح المجتمع، وفي هذا التمحيص يتم فرز الصالحين عن غيرهم، والمؤمنين عن المنافقين.

وفي مقابل التمحيص الأفقي تمحيص آخر، عمودي، داخل نفوس المؤمنين، ففي نفوس المؤمنين خير وشر... ولا يتخذهم الله شهداء، حتى يمحّص ما في نفوسهم، وعندئذ يتخذهم الله شهداء وأئمة على وجه الأرض، وهذا هو التمحيص العمودي داخل النفوس.

ومن عجب أنّ المحنة هي المحنة، والضرّاء هي الضرّاء، ولكنها (تمحيص) للمؤمنين، و(محق) للكافرين. إن النار هي النار، ولكنها تصفّي الذهب وتنقّيه، وتحرق الخشب، ولا اختلاف في النار، وإنما الاختلاف في ما تتعرض للنار، فتحرق الخشبة وتصفي الذهب (وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ)13.

هذا كله في الدنيا، وهو الشطر الأول من حياة الإنسان، والشطر الزائل المحدود منها. وأما في الآخرة، وهي الشطر الثاني من حياة الإنسان، والشطر الباقي والكبير ... فان الإنسان لا ينال الجنة في أيام اليسر والعافية، وإنما ينالها في أيام الضراء والبأساء، وفيما تتطلبه هذه الأيام من جهاد وصبر على الأذى ومسّ القروح والجروح. (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ، وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)14.

الهوامش :

1- آل عمران/ 126.

2- آل عمران/ 123.

3- الأنبياء/ 77.

4- الصافات/ 114 - 116 .

5- آل عمران/ 111.

6- الروم/ 47.

7- آل عمران/ 37.

8- الملك/ 15.

9- الانفال/ 60.

10- محمد/ 7.

11- البقرة/ 153..

12- آل عمران/ 140.

13- آل عمران: 141

14- آل عمران/ 142

المصدر: من كتاب الوعد الصادق، الشيخ محمد مهدي الآصفي (بتصرف).

يا فاطمة، أما ترضيني أن تكوني سيدة نساء المؤمنين،أو سيدة نساء هذه الأمّة’(الرسول الأكرم)
يقول تعالى: ﴿... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾
الإمام الباقر عليه السَّلام: ’ لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان ’.
عن النبي صلى الله عليه وآله: ’التوبة حسنة لكنها في الشباب أحسن’

من نحن

موقع ديني ثقافي وفكري يعنى بقضايا المرأة والاسرة والمجتمع

تواصل معنا

يسرّنا تواصلكم معنا عبر الايميل alzaakiyaa@gmail.com